للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذِكْرُ وَقْعَةِ حُصَيْدٍ وَالْخَنَافِسِ

فَسَارَ الْقَعْقَاعُ نَحْوَ حُصَيْدٍ، وَقَدِ اجْتَمَعَ بِهَا رُوزْبَهْ وَزُرْمِهْرُ، فَالْتَقَوْا بِحُصَيْدٍ، فَقُتِلَ مِنَ الْعَجَمِ مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ، فَقَتَلَ الْقَعْقَاعُ زُرْمِهْرَ، وَقَتَلَ عِصْمَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَحَدُ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ طَرِيفٍ الضَّبِّيِّ رُوزْبَهْ - وَكَانَ عِصْمَةُ مِنَ الْبَرَرَةِ، وَهُمْ كُلُّ فَخِذٍ هَاجَرَتْ بِأَسْرِهَا، وَالْخَيِّرَةُ كُلُّ قَوْمٍ هَاجَرُوا مِنْ بَطْنٍ - وَغَنِمَ الْمُسْلِمُونَ مَا فِي حُصَيْدٍ، وَانْهَزَمَتِ الْأَعَاجِمُ إِلَى الْخَنَافِسِ، وَسَارَ أَبُو لَيْلَى بِمَنْ مَعَهُ إِلَى الْخَنَافِسِ وَبِهَا الْمَهْبُوذَانُ عَلَى الْعَسْكَرِ، فَلَمَّا أَحَسَّ الْمَهْبُوذَانُ بِهِمْ هَرَبَ إِلَى الْمُصَيَّخِ إِلَى الْهُذَيْلِ بْنِ عِمْرَانَ.

ذِكْرُ وَقْعَةِ مُصَيَّخِ بَنِي الْبَرْشَاءِ

وَلَمَّا انْتَهَى الْخَبَرُ إِلَى خَالِدٍ بِمُصَابِ أَهْلِ الْحُصَيْدِ وَهَرَبَ أَهْلُ الْخَنَافِسِ - كَتَبَ إِلَى الْقَعْقَاعِ وَأَبِي لَيْلَى وَأَعْبَدَ وَعُرْوَةَ، وَوَاعَدَهُمْ لَيْلَةً وَسَاعَةً يَجْتَمِعُونَ فِيهَا إِلَى الْمُصَيَّخِ، وَخَرَجَ خَالِدٌ مِنَ الْعَيْنِ قَاصِدًا إِلَيْهِمْ. فَلَمَّا كَانَ تِلْكَ السَّاعَةَ مِنْ لَيْلَةِ الْمَوْعِدِ اتَّفَقُوا جَمِيعًا بِالْمُصَيَّخِ، فَأَغَارُوا عَلَى الْهُذَيْلِ وَمَنْ مَعَهُ وَهُمْ نَائِمُونَ، مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، فَقَتَلُوهُمْ، وَأَفْلَتَ الْهُذَيْلُ فِي نَاسٍ قَلِيلٍ وَكَثُرَ فِيهِمُ الْقَتْلُ، وَكَانَ مَعَ الْهُذَيْلِ الْعُزَّى بْنُ أَبِي رُهْمٍ أَخُو أَوْسِ مَنَاةَ وَلِبَيْدُ بْنُ جَرِيرٍ، وَكَانَا قَدْ أَسْلَمَا وَمَعَهُمَا كِتَابُ أَبِي بَكْرٍ بِإِسْلَامِهِمَا، فَقُتِلَا فِي الْمَعْرَكَةِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا بَكْرٍ وَقَوْلُ عَبْدِ الْعُزَّى:

أَقُولُ إِذْ طَرَقَ الصَّبَاحُ بِغَارَةٍ ... سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّ مُحَمَّدِ

سُبْحَانَ رَبِّي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ ... رَبَّ الْبِلَادِ وَرَبَّ مَنْ يَتَوَرَّدُ

فَوَدَاهُمَا وَأَوْصَى بِأَوْلَادِهِمَا، فَكَانَ عُمَرُ يَعْتَدُّ بِقَتْلِهِمَا وَقَتْلِ مَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ عَلَى خَالِدٍ، فَيَقُولُ أَبُو بَكْرٍ: كَذَلِكَ يَلْقَى مَنْ نَازَلَ أَهْلَ الشِّرْكِ. وَقَدْ كَانَ حُرْقُوصُ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ النَّمِرِ قَدْ نَصَحَهُمْ فَلَمْ يَقْبَلُوا مِنْهُ، فَجَلَسَ مَعَ زَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ يَشْرَبُونَ، فَقَالَ لَهُمْ: اشْرَبُوا شَرَابَ مُوَدِّعٍ، هَذَا خَالِدٌ بِالْعَيْنِ وَجُنُودُهُ بِالْحَصِيدِ، ثُمَّ قَالَ:

أَلَا سَقِّيَانِي قَبْلَ خَيْلِ أَبِي بَكْرٍ ... لَعَلَّ مَنَايَانَا قَرِيبٌ وَمَا نَدْرِي

فَضُرِبَ رَأْسُهُ، فَإِذَا هُوَ فِي جَفْنَةٍ فِيهَا الْخَمْرُ، وَقَتَلُوا أَوْلَادَهُ وَأَخَذُوا بَنَاتَهُ.

وَقِيلَ: إِنَّ قَتْلَ حُرْقُوصَ، وَهَذِهِ الْوَقْعَةَ، وَوَقْعَةَ الثِّنْيِ - كَانَ فِي مَسِيرِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>