للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْعِرَاقِ إِلَى الشَّامِ، وَسَيُذْكَرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى -.

ذِكْرُ وَقْعَةِ الثِّنْيِ وَالزُّمَيْلِ

وَكَانَ رَبِيعَةُ بْنُ بُجَيْرٍ التَّغْلِبِيِّ بِالثِّنْيِ وَالْبِشْرِ، وَهُوَ الزُّمَيْلُ، وَهُمَا شَرْقِيِّ الرُّصَافَةِ - قَدْ خَرَجَ غَضَبًا لِعَقَّةَ، وَوَاعَدَ رُوزْبَهْ وَزُرْمِهْرَ وَالْهُذَيْلَ، وَلَمَّا أَصَابَ خَالِدٌ أَهْلَ الْمُصَيَّخِ وَاعَدَ الْقَعْقَاعَ وَأَبَا لَيْلَى لَيْلَةً، وَأَمَرَهُمَا بِالْمَسِيرِ لِيُغِيرُوا عَلَيْهِمْ، فَسَارَ خَالِدٌ مِنَ الْمُصَيَّخِ، فَاجْتَمَعَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ بِالثِّنْيِ، فَبَيَّتَهُمْ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ وَجَرَّدُوا فِيهِمُ السُّيُوفَ، فَلَمْ يُفْلِتْ مِنْهُمْ مُخْبِرٌ، وَغَنِمَ وَسَبَى وَبَعَثَ بِالْخَبَرِ وَالْخُمْسِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَاشْتَرَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ - بِنْتَ رَبِيعَةَ بْنِ بُجَيْرٍ التَّغْلِبِيِّ، فَوَلَدَتْ لَهُ عُمَرَ وَرُقَيَّةَ.

وَلَمَّا انْهَزَمَ الْهُذَيْلُ بِالْمُصَيَّخِ لَحِقَ بِعَتَّابِ بْنِ فُلَانٍ، وَهُوَ بِالْبِشْرِ، فِي عَسْكَرٍ ضَخْمٍ، فَبَيَّتَهُمْ خَالِدٌ بِغَارَةٍ شَعْوَاءَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِمْ خَبَرُ رَبِيعَةَ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً لَمْ يُقْتَلُوا مِثْلَهَا، وَقَسَّمَ الْغَنَائِمَ، وَبَعَثَ الْخُمْسَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، وَسَارَ خَالِدٌ مِنَ الْبِشْرِ إِلَى الرُّضَابِ، وَبِهَا هِلَالُ بْنُ عَقَّةَ، فَتَفَرَّقَ عَنْهُ أَصْحَابُهُ، وَسَارَ هِلَالٌ عَنْهُ فَلَمْ يَلْقَ خَالِدٌ بِهَا كَيْدًا.

ذِكْرُ وَقْعَةِ الْفِرَاضِ

ثُمَّ سَارَ خَالِدٌ مِنَ الرُّضَابِ إِلَى الْفِرَاضِ، وَهِيَ تُخُومُ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ وَالْجَزِيرَةِ، وَأَفْطَرَ بِهَا رَمَضَانَ لِاتِّصَالِ الْغَزَوَاتِ، وَحَمِيَتِ الرُّومُ وَاسْتَعَانُوا بِمَنْ يَلِيهِمْ مِنْ مَسَالِحِ الْفُرْسِ فَأَعَانُوهُمْ، وَاجْتَمَعَ مَعَهُمْ تَغْلِبُ وَإِيَادٌ وَالنَّمِرُ، وَسَارُوا إِلَى خَالِدٍ. فَلَمَّا بَلَغُوا الْفُرَاتَ قَالُوا لَهُ: إِمَّا أَنْ تَعْبُرُوا إِلَيْنَا، وَإِمَّا أَنْ نَعْبُرَ إِلَيْكُمْ. قَالَ خَالِدٌ: اعْبُرُوا. قَالُوا لَهُ: تَنَحَّ عَنْ طَرِيقِنَا حَتَّى نَعْبُرَ. قَالَ: لَا أَفْعَلُ، وَلَكِنِ اعْبُرُوا أَسْفَلَ مِنَّا، فَعَبَرُوا أَسْفَلَ مِنْ خَالِدٍ، وَعَظُمَ فِي أَعْيُنِهِمْ، وَقَالَتِ الرُّومُ: امْتَازُوا حَتَّى نَعْرِفَ الْيَوْمَ مَنْ يَثْبُتُ مِمَّنْ يُوَلِّي. فَفَعَلُوا، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا عَظِيمًا وَانْهَزَمَتِ الرُّومُ وَمَنْ مَعَهُمْ، وَأَمَرَ خَالِدٌ الْمُسْلِمِينَ أَنْ لَا يَرْفَعُوا عَنْهُمْ، فَقُتِلَ فِي الْمَعْرَكَةِ وَفِي الطَّلَبِ مِائَةُ أَلْفٍ، وَأَقَامَ خَالِدٌ عَلَى الْفِرَاضِ عَشْرًا، ثُمَّ أَذِنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>