للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِالرُّجُوعِ إِلَى الْحِيرَةِ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ، وَجَعَلَ شَجَرَ بْنَ الْأَعَزِّ عَلَى السَّاقَةِ، وَأَظْهَرَ خَالِدٌ أَنَّهُ فِي السَّاقَةِ.

ذِكْرُ حَجَّةِ خَالِدٍ

ثُمَّ خَرَجَ خَالِدٌ حَاجًّا مِنَ الْفِرَاضِ سِرًّا وَمَعَهُ عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ يَعْتَسِفُ الْبِلَادَ، فَأَتَى مَكَّةَ وَحَجَّ وَرَجَعَ، فَمَا تَوَافَى جُنْدُهُ بِالْخَبَرِ حَتَّى وَافَاهُمْ مَعَ صَاحِبِ السَّاقَةِ، فَقَدِمَا مَعًا وَخَالِدٌ وَأَصْحَابُهُ مُحَلِّقُونَ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِحَجِّهِ إِلَّا مَنْ أَعْلَمَهُ بِهِ، وَلَمْ يَعْلَمْ أَبُو بَكْرٍ بِذَلِكَ إِلَّا بَعْدَ رُجُوعِهِ، فَعَتَبَ عَلَيْهِ، وَكَانَتْ عُقُوبَتُهُ إِيَّاهُ أَنْ صَرَفَهُ إِلَى الشَّامِ مِنَ الْعِرَاقِ مُمِدًّا جُمُوعَ الْمُسْلِمِينَ بِالْيَرْمُوكِ، وَكَانَ أَهْلُ الْعِرَاقِ أَيَّامَ عَلِيٍّ إِذَا بَلَغَهُمْ عَنْ مُعَاوِيَةَ شَيْءٌ يَقُولُونَ: نَحْنُ أَصْحَابُ ذَاتِ السَّلَاسِلِ، وَيُسَمُّونَ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْفِرَاضِ، وَلَا يَذْكُرُونَ مَا بَعْدَ الْفِرَاضِ احْتِقَارًا لِلَّذِي كَانَ بَعْدَهَا.

وَأَغَارَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَلَى سُوقِ بَغْدَادَ، وَوَجَّهَ الْمُثَنَّى فَأَغَارَ عَلَى سُوقٍ فِيهَا جَمْعٌ لِقُضَاعَةَ وَبَكْرٍ، وَأَغَارَ أَيْضًا عَلَى مَسْكِنَ وَقُطْرَبُّلَ، وَتَلِّ عَقْرَقُوفَ، وَبَادُورَيَا، قَالَ الشَّاعِرُ:

وَلِلْمُثَنَّى بِالْعَالِ مَعْرَكَةٌ ... شَاهَدَهَا مِنْ قَبِيلِهِ بَشَرُ

كَتِيبَةٌ أَفْزَعَتْ بِوَقْعَتِهَا ... كِسْرَى وَكَادَ الْإِيوَانُ يَنْفَطِرُ

وَشَجَّعَ الْمُسْلِمِينَ إِذْ حَذَرُوا ... وَفِي صُرُوفِ التَّجَارِبِ الْعِبَرُ

سَهَّلَ نَهْجَ السَّبِيلِ فَاقْتَفَرُوا ... آثَارَهُ وَالْأُمُورُ تُقْتَفَرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>