للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْيَمَنِ وَفِيهِمْ ذُو الْكَلَاعِ، وَقَدِمَ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ فِيمَنْ مَعَهُ مِنْ تِهَامَةَ، وَعُمَانَ، وَالْبَحْرَيْنِ، وَالسَّرْوِ، فَكَتَبَ لَهُمْ أَبُو بَكْرٍ إِلَى أُمَرَاءِ الصَّدَقَاتِ أَنْ يُبْدِلُوا مَنِ اسْتَبْدَلَ، فَكُلُّهُمُ اسْتَبْدَلَ، فَسُمِّيَ جَيْشُ الْبِدَالِ، وَقَدِمُوا عَلَى خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ.

وَعَنْهَا اهْتَمَّ أَبُو بَكْرٍ بِالشَّامِ وَعَنَاهُ أَمْرُهُ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ قَدْ رَدَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ إِلَى عَمَلِهِ الَّذِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَّاهُ إِيَّاهُ مِنْ صَدَقَاتِ سَعْدِ هُذَيْمٍ وَعُذْرَةَ وَغَيْرِهِمْ قَبْلَ ذَهَابِهِ إِلَى عُمَانَ، وَوَعَدَهُ أَنْ يُعِيدَهُ إِلَى عَمَلِهِ بَعْدَ عَوْدِهِ مِنْ عُمَانَ، فَأَنْجَزَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ عِدَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

فَلَمَّا عَزَمَ عَلَى قَصْدِ الشَّامِ كَتَبَ لَهُ: إِنِّي كُنْتُ قَدْ رَدَدْتُكَ عَلَى الْعَمَلِ الَّذِي وَلَّاكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّةً، وَوَعَدَكَ بِهِ أُخْرَى؛ إِنْجَازًا لِمَوَاعِيدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ وَلَيْتَهُ، وَقَدْ أَحْبَبْتُ أَنْ أُفْرِغَكَ لِمَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ أَحَبَّ إِلَيْكَ.

فَكَتَبَ عَمْرٌو: إِنِّي سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ الْإِسْلَامِ، وَأَنْتَ بَعْدَ اللَّهِ الرَّامِي بِهَا وَالْجَامِعُ لَهَا، فَانْظُرْ أَشَدَّهَا وَأَخْشَاهَا وَأَفْضَلَهَا فَارْمِ بِهِ. فَأَمَرَهُ وَأَمَرَ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ، وَكَانَ عَلَى بَعْضِ صَدَقَاتِ قُضَاعَةَ، أَنْ يَجْمَعَا الْعَرَبَ، فَفَعَلَا، وَأَرْسَلَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى عَمْرٍو بَعْضَ مَنِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ، وَأَمَرَهُ بِطَرِيقٍ سَمَّاهَا لَهُ إِلَى فِلَسْطِينَ، وَأَمَرَ الْوَلِيدَ بِالْأُرْدُنِّ وَأَمَدَّهُ بِبَعْضِهِمْ، وَأَمَّرَ يَزِيدَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ عَلَى جَيْشٍ عَظِيمٍ هُوَ جُمْهُورُ مَنِ انْتَدَبَ إِلَيْهِ، فِيهِمْ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فِي أَمْثَالِهِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، وَشَيَّعَهُ مَاشِيًا، وَأَوْصَاهُ وَغَيْرَهُ مِنَ الْأُمَرَاءِ، فَكَانَ مِمَّا قَالَ لِيَزِيدَ:

إِنِّي قَدْ وَلَّيْتُكَ لِأَبْلُوَكَ وَأُجَرِّبَكَ وَأُخَرِّجَكَ، فَإِنْ أَحْسَنْتَ رَدَدْتُكَ إِلَى عَمَلِكَ وَزِدْتُكَ، وَإِنْ أَسَأْتَ عَزَلْتُكَ، فَعَلَيْكَ بِتَقْوَى اللَّهِ فَإِنَّهُ يَرَى مِنْ بَاطِنِكَ مِثْلَ الَّذِي مِنْ ظَاهِرِكَ، وَإِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِاللَّهِ أَشَدُّهُمْ تَوَلِّيًا لَهُ، وَأَقْرَبُ النَّاسِ مِنَ اللَّهِ أَشَدُّهُمْ تَقَرُّبًا إِلَيْهِ بِعَمَلِهِ، وَقَدْ وَلَّيْتُكَ عَمَلَ خَالِدٍ، فَإِيَّاكَ وَعُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ، فَإِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُهَا وَيُبْغِضُ أَهْلَهَا، وَإِذَا قَدِمْتَ عَلَى جُنْدِكَ فَأَحْسِنْ صُحْبَتَهُمْ، وَابْدَأْهُمْ بِالْخَيْرِ وَعِدْهُمْ إِيَّاهُ، وَإِذَا وَعَظْتَهُمْ فَأَوْجِزْ؛ فَإِنَّ كَثِيرَ الْكَلَامِ يُنْسِي بَعْضُهُ بَعْضًا، وَأَصْلِحْ نَفْسَكَ يَصْلُحْ لَكَ النَّاسُ، وَصَلِّ الصَّلَوَاتِ لِأَوْقَاتِهَا بِإِتْمَامِ رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا وَالتَّخَشُّعِ فِيهَا، وَإِذَا قَدِمَ عَلَيْكَ رُسُلُ عَدُوِّكَ فَأَكْرِمْهُمْ، وَأَقْلِلْ لُبْثَهُمْ حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْ عَسْكَرِكَ وَهُمْ جَاهِلُونَ بِهِ، وَلَا تُرِيَنَّهُمْ فَيَرَوْا خَلَلَكَ وَيَعْلَمُوا عِلْمَكَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>