ذِكْرُ الْحُرُوبِ إِلَى آخِرِ السَّنَةِ
فَمِنْ ذَلِكَ يَوْمُ بُرْسَ وَبَابِلَ وَكُوثَى
لَمَّا فَرَغَ سَعْدٌ مِنْ أَمْرِ الْقَادِسِيَّةِ أَقَامَ بِهَا بَعْدَ الْفَتْحِ شَهْرَيْنِ، وَكَاتَبَ عُمَرَ فِيمَا يَفْعَلُ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ يَأْمُرُهُ بِالْمَسِيرِ إِلَى الْمَدَائِنِ، وَأَنْ يُخَلِّفَ النِّسَاءَ وَالْعِيَالَ بِالْعَتِيقِ، وَأَنْ يَجْعَلَ مَعَهُمْ جُنْدًا كَثِيفًا وَأَنْ يُشْرِكَهُمْ فِي كُلِّ مَغْنَمٍ مَا دَامُوا يَخْلُفُونَ الْمُسْلِمِينَ فِي عِيَالَاتِهِمْ. فَفَعَلَ ذَلِكَ، وَسَارَ مِنَ الْقَادِسِيَّةِ لِأَيَّامٍ بَقِينَ مِنْ شَوَّالٍ، وَكُلُّ النَّاسِ مُؤَدٍّ مُذْ نَقَلَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ مَا كَانَ فِي عَسْكَرِ الْفُرْسِ. فَلَمَّا وَصَلَتْ مُقَدَّمَةُ الْمُسْلِمِينَ بُرْسَ وَعَلَيْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُعْتَمِّ وَزُهْرَةُ بْنُ حَوِيَّةَ وَشُرَحْبِيلُ بْنُ السِّمْطِ لَقِيَهُمْ بِهَا بَصْبُهْرَا فِي جَمْعٍ مِنَ الْفُرْسِ، فَهَزَمَهُ الْمُسْلِمُونَ وَمَنْ مَعَهُ إِلَى بَابِلَ، وَبِهَا فَالَّةُ الْقَادِسِيَّةِ وَبَقَايَا رُؤَسَائِهِمُ النَّخِيرَخَانُ، وَمِهْرَانُ الرَّازِيُّ، وَالْهُرْمُزَانُ، وَأَشْبَاهُهُمْ، وَقَدِ اسْتَعْمَلُوا عَلَيْهِمُ الْفَيْرُزَانَ، وَقَدِمَ بَصْبُهْرَا مُنْهَزِمًا مِنْ بُرْسَ، فَوَقَعَ فِي النَّهْرِ، وَمَاتَ مِنْ طَعْنَةٍ كَانَ طَعَنَهُ زُهْرَةُ.
وَلَمَّا هُزِمَ بَصْبُهْرَا أَقْبَلَ بِسْطَامُ دِهْقَانُ بُرْسَ فَصَالَحَ زُهْرَةَ، وَعَقَدَ لَهُ الْجُسُورَ، وَأَخْبَرَهُ بِمَنِ اجْتَمَعَ بِبَابِلَ، فَأَرْسَلَ زُهْرَةُ إِلَى سَعْدٍ يُعَرِّفُهُ ذَلِكَ. فَقَدِمَ عَلَيْهِ سَعْدٌ بِبُرْسَ وَسَيَّرَهُ فِي الْمُقَدَّمَةِ، وَأَتْبَعَهُ عَبْدَ اللَّهِ وَشُرَحْبِيلَ وَهَاشِمًا الْمِرْقَالَ، وَاتَّبَعَهُمْ، فَنَزَلُوا عَلَى الْفَيْرُزَانَ بِبَابِلَ وَقَدْ قَالُوا: نُقَاتِلُهُمْ قَبْلَ أَنْ نَفْتَرِقَ، فَاقْتَتَلُوا فَهَزَمَهُمُ الْمُسْلِمُونَ، فَانْطَلَقُوا عَلَى وَجْهَيْنِ، فَسَارَ الْهُرْمُزَانُ نَحْوَ الْأَهْوَازِ فَأَخَذَهَا فَأَكَلَهَا، وَخَرَجَ الْفَيْرُزَانُ نَحْوَ نَهَاوَنْدَ، فَأَخَذَهَا فَأَكَلَهَا وَبِهَا كُنُوزُ كِسْرَى، وَأَكَلَ الْمَاهَيْنَ، وَسَارَ النَّخِيرَخَانُ وَمِهْرَانُ إِلَى الْمَدَائِنِ وَقَطَعَا الْجِسْرَ.
وَأَقَامَ سَعْدٌ بِبَابِلَ، فَقَدَّمَ زُهْرَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ بُكَيْرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ اللَّيْثِيَّ وَكَثِيرَ بْنَ شِهَابٍ السَّعْدِيَّ حَتَّى عَبَرَا الصَّرَاةَ، فَلَحِقَا بِأُخْرَيَاتِ الْقَوْمِ، وَفِيهِمْ فُيُومَانُ وَالْفَرُّخَانُ، فَقَتَلَ بُكَيْرٌ الْفَرُّخَانَ وَقَتَلَ كَثِيرٌ فُيُومَانَ بِسُورَاءَ، وَجَاءَ زُهْرَةُ فَجَازَ سُورَاءَ وَنَزَلَ، وَجَاءَ سَعْدٌ وَهَاشِمٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute