أَطَعْتُهُمُ بِفُرْقَةِ آلِ لِأْيٍ
فَأَلْقَوْا لِلسِّبَاعِ دَمِي وَلَحْمِي
وَكَانَ الَّذِي رَمَى طَلْحَةَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ، وَقِيلَ غَيْرُهُ. وَأَمَّا الزُّبَيْرُ فَإِنَّهُ مَرَّ بِعَسْكَرِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا هَذَا انْحِيَازٌ، جَمَعَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى ضَرَبَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا لَحِقَ بِبَيْتِهِ. وَقَالَ الْأَحْنَفُ لِلنَّاسِ: مَنْ يَأْتِينِي بِخَبَرِهِ؟ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ جُرْمُوزٍ لِأَصْحَابِهِ: أَنَا، فَاتَّبَعَهُ، فَلَمَّا لَحِقَهُ نَظَرَ إِلَيْهِ الزُّبَيْرُ قَالَ: مَا وَرَاءَكَ؟ قَالَ: إِنَّمَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ. فَقَالَ غُلَامٌ لِلزُّبَيْرِ اسْمُهُ عَطِيَّةُ: إِنَّهُ مُعَدٌّ.
قَالَ: مَا يَهُولُكَ مِنْ رَجُلٍ! وَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَقَالَ ابْنُ جُرْمُوزٍ: الصَّلَاةَ. فَقَالَ الزُّبَيْرُ: الصَّلَاةَ، فَلَمَّا نَزَلَا اسْتَدْبَرَهُ ابْنُ جُرْمُوزٍ فَطَعَنَهُ فِي جِرْبَانِ دِرْعِهِ فَقَتَلَهُ، وَأَخَذَ فَرَسَهُ وَسِلَاحَهُ وَخَاتَمَهُ وَخَلَّى عَنِ الْغُلَامِ، فَدَفَنَهُ بِوَادِي السِّبَاعِ، وَرَجَعَ إِلَى النَّاسِ بِالْخَبَرِ. وَقَالَ الْأَحْنَفُ لِابْنِ جُرْمُوزٍ: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي، أَحْسَنْتَ أَمْ أَسَأْتَ.
فَأَتَى ابْنُ جُرْمُوزٍ عَلِيًّا فَقَالَ لِحَاجِبِهِ: اسْتَأْذِنْ لِقَاتِلِ الزُّبَيْرِ. فَقَالَ عَلِيٌّ: ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالنَّارِ. وَأُحْضِرُ سَيْفُ الزُّبَيْرِ عِنْدَ عَلِيٍّ فَأَخَذَهُ فَنَظَرَ إِلَيْهِ وَقَالَ: طَالَمَا جَلَّى بِهِ الْكَرْبَ عَنْ وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -! وَبَعَثَ بِهِ إِلَى عَائِشَةَ لَمَّا انْجَلَتِ الْوَقْعَةُ وَانْهَزَمَ النَّاسُ يُرِيدُونَ الْبَصْرَةَ، فَلَمَّا رَأَوُا الْخَيْلَ أَطَافَتْ بِالْجَمَلِ عَادُوا قَلْبًا كَمَا كَانُوا حَيْثُ الْتَقَوْا وَعَادُوا فِي أَمْرٍ جَدِيدٍ، وَوَقَفَتْ رَبِيعَةُ بِالْبَصْرَةِ مَيْمَنَةً وَبَعْضُهُمْ مَيْسَرَةً، وَقَالَتْ عَائِشَةُ: (لَمَّا انْجَلَتِ الْوَقْعَةُ وَانْهَزَمَ النَّاسُ) لِكَعْبِ بْنِ سُورٍ: خَلِّ عَنِ الْجَمَلِ وَتَقَدَّمْ بِالْمُصْحَفِ فَادْعُهُمْ إِلَيْهِ. وَنَاوَلَتْهُ مُصْحَفًا. فَاسْتَقْبَلَ الْقَوْمُ وَالسَّبَئِيَّةُ أَمَامَهُمْ فَرَمَوْهُ رَشْقًا وَاحِدًا فَقَتَلُوهُ، وَرَمَوْا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ فِي هَوْدَجِهَا، فَجَعَلَتْ تُنَادِي: الْبَقِيَّةَ الْبَقِيَّةَ يَا بُنَيَّ! وَيُعْلُوا صَوْتُهَا كَثْرَةً: اللَّهَ اللَّهَ! اذْكُرُوا اللَّهَ وَالْحِسَابَ! فَيَأْبَوْنَ إِلَّا إِقْدَامًا، فَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ أَحْدَثَتْهُ حِينَ أَبَوْا أَنْ قَالَتْ: أَيُّهَا النَّاسُ الْعَنُوا قَتَلَةَ عُثْمَانَ وَأَشْيَاعَهُمْ. وَأَقْبَلَتْ تَدْعُوَا، وَضَجَّ النَّاسُ بِالدُّعَاءِ، فَسَمِعَ عَلِيٌّ فَقَالَ: مَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute