هَتَكْتُ لَهُ بِالرُّمْحِ جَيْبَ قَمِيصِهِ
فَخَرَّ صَرِيعًا لِلْيَدَيْنِ وَلِلْفَمِ ... يُذَكِّرُنِي حَامِيمَ وَالرُّمْحُ شَاجِرٌ
فَهَلَّا تَلَا حَامِيمَ قَبْلَ التَّقَدُّمِ ... عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ غَيْرَ أَنْ لَيْسَ تَابِعًا
عَلِيًّا وَمَنْ لَا يَتْبَعُ الْحَقَّ يَنْدَمِ
وَأَخَذَ الْخِطَامَ عَمْرُو بْنُ الْأَشْرَفِ فَجَعْلَ لَا يَدْنُو مِنْهُ أَحَدٌ إِلَّا خَبَطَهُ بِالسَّيْفِ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ الْحَرْثُ بْنُ زُهَيْرٍ الْأَزْدِيُّ وَهُوَ يَقُولُ:
يَا أُمَّتَا يَا خَيْرَ أُمٍّ نَعْلَمُ ... أَمَا تَرَيْنَ كَمْ شُجَاعٍ يُكَلَمُ
وَتُخْتَلَى هَامَتُهُ وَالْمِعْصَمُ
فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ، فَقَتَلَ كُلٌّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا صَاحَبَهُ، وَأَحْدَقَ أَهْلُ النَّجْدَاتِ وَالشَّجَاعَةِ بِعَائِشَةَ، فَكَانَ لَا يَأْخُذُ الْخِطَامَ أَحَدٌ إِلَّا قُتِلَ، وَكَانَ لَا يَأْخُذُهُ وَالرَّايَةَ إِلَّا مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْمُطِيفِينَ بِالْجَمَلِ فَيَنْتَسِبُ: أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، فَوَاللَّهِ إِنْ كَانَ لَيُقَاتِلُونِ عَلَيْهِ، وَإِنَّهُ لَلْمَوْتُ لَا يُوَصَّلُ إِلَيْهِ إِلَّا بِطِلْبَةٍ وَعَنَتٍ، وَمَا رَامَهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ إِلَّا قُتِلَ أَوْ أَفْلَتَ ثُمَّ لَمْ يَعُدْ، وَحَمَلَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ الطَّائِيُّ عَلَيْهِمْ، فَفُقِئَتْ عَيْنُهُ، وَجَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ فَقَالَتْ: مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: ابْنُكِ ابْنُ أُخْتِكِ. قَالَتْ: وَاثُكْلَ أَسْمَاءَ! وَانْتَهَى إِلَيْهِ الْأَشْتَرُ، فَاقْتَتَلَا، فَضَرْبَهُ الْأَشْتَرُ عَلَى رَأْسِهِ فَجَرَحَهُ جُرْحًا شَدِيدًا، وَضَرْبَهُ عَبْدُ اللَّهِ ضَرْبَةً خَفِيفَةً، وَاعْتَنَقَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمَا صَاحَبَهُ وَسَقَطَا إِلَى الْأَرْضِ يَعْتَرِكَانِ، فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ:
اقْتُلُونِي وَمَالِكًا وَاقْتُلُوا مَالِكًا مَعِي.
فَلَوْ يَعْلَمُونَ مَنْ مَالِكٌ لَقَتَلُوهُ، إِنَّمَا كَانَ يُعَرَفُ بِالْأَشْتَرِ، فَحَمَلَ أَصْحَابُ عَلِيٍّ وَعَائِشَةَ فَخَلَّصُوهُمَا. قَالَ الْأَشْتَرُ: لَقِيتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَتَّابٍ، فَلَقِيتُ أَشَدَّ النَّاسِ وَأَخْرَقَهُ مَا لَبِثْتُ أَنْ قَتَلْتُهُ، وَلَقِيتُ الْأَسْوَدَ بْنَ عَوْفٍ فَلَقِيَتُ أَشَدَّ النَّاسِ وَأَشْجَعَهُ، فَمَا كِدْتُ أَنْجُو
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute