الْمُجَاشِعِيُّ حَتَّى اطَّلَعَ فِي الْهَوْدَجِ، فَقَالَتْ: إِلَيْكَ لَعَنَكَ اللَّهُ! فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَرَى إِلَّا حُمَيْرَاءَ! فَقَالَتْ لَهُ: هَتَكَ اللَّهُ سِتْرَكَ، وَقَطَعَ يَدَكَ وَأَبْدَى عَوْرَتَكَ. فَقُتِلَ بِالْبَصْرَةِ، وَسُلِبَ، وَقُطِعَتْ يَدُهُ وَرُمِيَ عُرْيَانًا فِي خَرِبَةٍ مِنْ خَرِبَاتٍ الْأَزْدِ. ثُمَّ أَتَى وُجُوهُ النَّاسِ عَائِشَةَ، وَفِيهِمُ الْقَعْقَاعُ بْنُ عَمْرٍو، فَسَلَّمَ عَلَيْهَا فَقَالَتْ: إِنِّي رَأَيْتُ بِالْأَمْسِ رَجُلَيْنِ اجْتَلَدَا وَارْتَجَزَا بِكَذَا، فَهَلْ تَعْرِفُ كُوفِيَّكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، ذَاكَ الَّذِي قَالَ: أَعَقُّ أُمٍّ نَعْلَمُ، وَكَذَبَ، إِنَّكِ لَأَبَرُّ أُمٍّ نَعْلَمُ وَلَكِنْ لَمْ تُطَاعِي. قَالَتْ: وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي مِتُّ قَبْلَ هَذَا الْيَوْمِ بِعِشْرِينَ سَنَةً.
وَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا فَأَتَى عَلِيًّا، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي مِتُّ مِنْ قَبْلِ الْيَوْمِ بِعِشْرِينَ سَنَةً. وَكَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ ذَلِكَ الْيَوْمَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنِ الْقِتَالِ:
إِلَيْكَ أَشْكُو عُجَرِي وَبُجَرِي ... وَمَعْشَرًا أَغْشَوْا عَلَيَّ بَصَرِي
قَتَلْتُ مِنْهُمْ مُضَرًا بِمُضَرِي ... شَفَيْتُ نَفْسِي وَقَتَلْتُ مَعْشَرِي
فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ أَدْخَلَهَا أَخُوهَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْبَصْرَةَ، فَأَنْزَلَهَا فِي دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَلَفٍ الْخُزَاعِيِّ عَلَى صَفِيَّةَ بِنْتِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ، وَهِيَ أُمُّ طَلْحَةَ الطَّلْحَاتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَلَفٍ، وَتَسَلَّلَ الْجَرْحَى مِنْ بَيْنِ الْقَتْلَى لَيْلًا فَدَخَلُوا الْبَصْرَةَ، فَأَقَامَ عَلِيٌّ بِظَاهِرِ الْبَصْرَةِ ثَلَاثًا، وَأَذِنَ لِلنَّاسِ فِي دَفْنِ مَوْتَاهُمْ، فَخَرَجُوا إِلَيْهِمْ فَدَفَنُوهُمْ، وَطَافَ عَلِيٌّ فِي الْقَتْلَى، فَلَمَّا أَتَى عَلَى كَعْبِ بْنِ سُورٍ قَالَ: أَزْعَمْتُمْ أَنَّهُ خَرَجَ مَعَهُمُ السُّفَهَاءُ، وَهَذَا الْحَبْرُ قَدْ تَرَوْنَ! وَأَتَى عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَتَّابٍ فَقَالَ: هَذَا يَعْسُوبُ الْقَوْمِ، يَعْنِي أَنَّهُمْ كَانُوا يُطِيفُونَ بِهِ، وَاجْتَمَعُوا عَلَى الرِّضَا بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute