مُعَاوِيَةَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ يَأْمُرُهُ بِالْقُدُومِ عَلَيْهِ.
وَقِيلَ: كَانَ الَّذِي حَمَلَ مُعَاوِيَةَ عَلَى رَدِّ جَرِيرٍ الْبَجَلِيِّ غَيْرَ مَقْضِيِّ الْحَاجَةِ شُرَحْبِيلُ بْنُ السِّمْطِ الْكِنْدِيُّ.
وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنْ شُرَحْبِيلًا كَانَ قَدْ سَيَّرَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى الْعِرَاقِ إِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَكَانَ مَعَهُ، فَقَدَّمَهُ سَعْدٌ وَقَرَّبَهُ، فَحَسَدَهُ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ الْكِنْدِيُّ لِمُنَافَسَةٍ بَيْنِهِمَا، فَوَفْدَ جَرِيرٌ الْبَجَلِيُّ عَلَى عُمَرَ، فَقَالَ لَهُ الْأَشْعَثُ: إِنْ قَدَرْتَ أَنْ تَنَالَ مِنْ شُرَحْبِيلَ عِنْدَ عُمَرَ فَافْعَلْ. فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى عُمَرَ سَأَلَهُ عُمَرُ عَنِ النَّاسِ، فَأَحْسَنَ الثَّنَاءَ عَلَى سَعْدٍ، قَالَ: وَقَدْ قَالَ شِعْرًا:
أَلَا لَيْتَنِي وَالْمَرْءُ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ وَزَبْرًا ... وَابْنَ السِّمْطِ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ
فَيَغْرَقَ أَصْحَابِي وَأَخْرُجَ سَالِمًا عَلَى ظَهْرِ ... قُرْقُورٍ أُنَادِي أَبَا بَكْرِ
فَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى سَعْدٍ يَأْمُرُهُ بِأَنْ يُرْسِلَ زَبْرًا وَشُرَحْبِيلًا إِلَيْهِ، فَأَرْسَلَهُمَا، فَأَمْسَكَ زَبْرًا بِالْمَدِينَةِ وَسَيَّرَ شُرَحْبِيلًا إِلَى الشَّامِ، فَشَرُفَ وَتَقَدَّمَ، وَكَانَ أَبُوهُ السِّمْطُ مِنْ غَزَّةَ الشَّامِ. فَلَمَّا قَدِمَ جَرِيرٌ بِكِتَابِ عَلِيٍّ إِلَى مُعَاوِيَةَ فِي الْبَيْعَةِ انْتَظَرَ مُعَاوِيَةُ قُدُومَ شُرَحْبِيلَ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ أَخْبَرَهُ مُعَاوِيَةُ بِمَا قَدِمَ فِيهِ جَرِيرٌ، فَقَالَ: كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانُ خَلِيفَتَنَا، فَإِنْ قَوِيتَ عَلَى الطَّلَبِ بِدَمِهِ، وَإِلَّا فَاعْتَزِلْنَا. فَانْصَرَفَ جَرِيرٌ، فَقَالَ النَّجَاشِيُّ:
شُرَحْبِيلُ مَا لِلدِّينِ فَارَقْتَ أَمْرَنَا ... وَلَكِنْ لِبُغْضِ الْمَالِكِيِّ جَرِيرِ
وَقَوْلِكَ مَا قَدْ قُلْتَ عَنْ أَمْرِ أَشْعَثٍ ... فَأَصْبَحْتَ كَالْحَادِي بِغَيْرِ بَعِيرِ
(جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرِ بْنِ مَالِكٍ، فَنُسِبَ إِلَى جَدِّهِ مَالِكٍ) .
وَخَرَجَ عَلِيٌّ فَعَسْكَرَ بِالنُّخَيْلَةِ، وَتَخَلَّفَ عَنْهُ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، مِنْهُمْ: مُرَّةُ الْهَمْدَانِيُّ، وَمَسْرُوقٌ، أَخَذَا أُعْطِيَاتِهِمَا وَقَصَدَا قَزْوِينَ، فَأَمَّا مَسْرُوقٌ فَإِنَّهُ كَانَ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute