للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَأْسَ حَتَّى أَقْدَمَ عَلَيْكَ، فَإِنِّي حَثِيثُ الْمَسِيرِ فِي إِثْرِكَ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -. وَكَتَبَ عَلِيٌّ إِلَى شُرَيْحٍ وَزِيَادٍ بِذَلِكَ وَأَمَرَهُمَا بِطَاعَةِ الْأَشْتَرِ.

فَسَارَ الْأَشْتَرُ حَتَّى قَدِمَ عَلَيْهِمْ، وَاتَّبَعَ مَا أَمَرَهُ وَكَفَّ عَنِ الْقِتَالِ، وَلَمْ يَزَالُوا مُتَوَاقِفِينَ حَتَّى [إِذَا] كَانَ عِنْدَ الْمَسَاءِ حَمَلَ عَلَيْهِمْ أَبُو الْأَعْوَرِ السُّلَمِيُّ، فَثَبَتُوا لَهُ وَاضْطَرَبُوا سَاعَةً، ثُمَّ انْصَرَفَ أَهْلُ الشَّامِ وَخَرَجَ إِلَيْهِمْ مِنَ الْغَدِ هَاشِمُ بْنُ عُتْبَةَ الْمِرْقَالُ، وَخَرَجَ إِلَيْهِ أَبُو الْأَعْوَرِ، فَاقْتَتَلُوا يَوْمَهُمْ، وَصَبَرَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، ثُمَّ انْصَرَفُوا، وَخَرَجَ عَلَيْهِمُ الْأَشْتَرُ وَقَالَ: أَرَوْنِي أَبَا الْأَعْوَرِ، وَتَرَاجَعُوا، وَوَقَفَ أَبُو الْأَعْوَرِ وَرَاءَ الْمَكَانِ الَّذِي كَانَ فِيهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ، وَجَاءَ الْأَشْتَرُ فَصَفَّ أَصْحَابَهُ بِمَكَانِ أَبِي الْأَعْوَرِ بِالْأَمْسِ، فَقَالَ الْأَشْتَرُ لِسِنَانِ بْنِ مَالِكٍ النَّخَعِيِّ: انْطَلِقْ إِلَى أَبِي الْأَعْوَرِ فَادْعُهُ إِلَى الْبِرَازِ. فَقَالَ: إِلَى مُبَارَزَتِي أَوْ مُبَارَزَتِكَ؟ فَقَالَ الْأَشْتَرُ: لَوْ أَمَرْتُكَ بِمُبَارَزَتِهِ فَعَلْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَاللَّهِ لَوْ أَمَرْتَنِي أَنْ أَعْتَرِضَ صَفَّهُمْ بِسَيْفِي لَفَعَلْتُ! فَدَعَا لَهُ وَقَالَ: إِنَّمَا تَدْعُوهُ لِمُبَارَزَتِي. فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: آمِنُونِي فَإِنِّي رَسُولٌ، فَآمَنُوهُ، فَانْتَهَى إِلَى أَبِي الْأَعْوَرِ وَقَالَ لَهُ: إِنَّ الْأَشْتَرَ يَدْعُوكَ إِلَى أَنْ تُبَارِزَهُ، فَسَكَتَ طَوِيلًا ثُمَّ قَالَ: إِنَّ خِفَّةَ الْأَشْتَرِ وَسُوءَ رَأْيِهِ حَمَلَاهُ عَلَى إِجْلَاءِ عُمَّالِ عُثْمَانَ عَنِ الْعِرَاقِ وَتَقْبِيحِ مَحَاسِنِهِ، وَعَلَى أَنْ سَارَ إِلَيْهِ فِي دَارِهِ حَتَّى قَتَلَهُ، فَأَصْبَحَ مُتَّبَعًا بِدَمِهِ لَا حَاجَةَ لِي فِي مُبَارَزَتِهِ. قَالَ لَهُ الرَّسُولُ: قَدْ قُلْتُ فَاسْمَعْ مِنِّي أُجِبْكَ. قَالَ: لَا حَاجَةَ لِي فِي جَوَابِكَ، اذْهَبْ عَنِّي! فَصَاحَ بِهِ أَصْحَابُهُ، فَانْصَرَفَ عَنْهُ وَرَجَعَ إِلَى الْأَشْتَرِ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: لِنَفْسِهِ نَظَرَ. فَوَقَفُوا حَتَّى حَجَزَ اللَّيْلُ بَيْنَهُمْ، وَعَادَ الشَّامِيُّونَ مِنَ اللَّيْلِ، وَأَصْبَحَ عَلِيٌّ غَدْوَةً عِنْدَ الْأَشْتَرِ، وَتَقَدَّمَ الْأَشْتَرُ وَمَنْ مَعَهُ فَانْتَهَى إِلَى مُعَاوِيَةَ فَوَاقَفَهُ، وَلَحِقَ بِهِمْ عَلِيٌّ فَتَوَاقَفُوا طَوِيلًا.

ثُمَّ إِنَّ عَلِيًّا طَلَبَ لِعَسْكَرِهِ مَوْضِعًا يَنْزِلُ فِيهِ، وَكَانَ مُعَاوِيَةُ قَدْ سَبَقَ، فَنَزَلَ مَنْزِلًا اخْتَارَهُ بَسِيطًا وَاسِعًا أَفْيَحَ، وَأَخَذَ شَرِيعَةَ الْفُرَاتِ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ الصُّقْعِ شَرِيعَةٌ غَيْرَهَا، وَجَعَلَهَا فِي حَيِّزِهِ، وَبَعَثَ عَلَيْهَا أَبَا الْأَعْوَرِ السُّلَمِيَّ يَحْمِيهَا وَيَمْنُعُهَا، فَطَلَبَ أَصْحَابُ عَلِيٍّ شَرِيعَةً غَيْرَهَا فَلَمْ يَجِدُوا، فَأَتَوْا عَلِيًّا فَأَخْبَرُوهُ بِفِعْلِهِمْ وَبِعَطَشِ النَّاسِ، فَدَعَا صَعْصَعَةَ بْنَ صُوحَانَ فَأَرْسَلَهُ إِلَى مُعَاوِيَةَ يَقُولُ لَهُ: إِنَّا سِرْنَا مَسِيرَنَا هَذَا وَنَحْنُ نَكْرَهُ قِتَالَكُمْ قَبْلَ الْإِعْذَارِ إِلَيْكُمْ، فَقَدِمَتْ إِلَيْنَا خَيْلُكَ وَرِجَالُكَ فَقَاتَلَتْنَا قَبْلَ أَنْ نُقَاتِلَكَ، وَنَحْنُ مِنْ رَأَيِنَا الْكَفُّ حَتَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>