وَعَلَى مُقَدِّمَتِهِ أَبَا الْأَعْوَرِ السُّلَمِيَّ، وَعَلَى خَيْلِ دِمَشْقَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَعَلَى رَجَّالَةِ دِمَشْقَ مُسْلِمَ بْنَ عُقْبَةَ الْمُرِّيَّ، وَعَلَى النَّاسِ كُلِّهِمُ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ، وَبَايَعَ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ عَلَى الْمَوْتِ، فَعَقَلُوا أَنْفُسَهُمْ بِالْعَمَائِمِ، وَكَانُوا خَمْسَةَ صُفُوفٍ، وَخَرَجُوا أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ صَفَرَ فَاقْتَتَلُوا، وَكَانَ عَلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مَنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ الْأَشْتَرُ، وَعَلَى مَنْ خَرَجَ مَنْ أَهْلِ الشَّامِ حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ، فَاقْتَتَلُوا يَوْمَهُمْ قِتَالًا شَدِيدًا مُعْظَمَ النَّهَارِ، ثُمَّ تَرَاجَعُوا وَقَدِ انْتَصَفَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ. ثُمَّ خَرَجَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي هَاشِمُ بْنُ عُتْبَةَ فِي خَيْلٍ وَرِجَالٍ، وَخَرَجَ إِلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ أَبُو الْأَعْوَرِ السُّلَمِيُّ، فَاقْتَتَلُوا يَوْمَهُمْ ذَلِكَ ثُمَّ انْصَرَفُوا، وَخَرَجَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، وَخَرَجَ إِلَيْهِ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، فَاقْتَتَلُوا أَشَدَّ قِتَالٍ، وَقَالَ عَمَّارٌ: يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ عَادَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَجَاهَدَهُمَا، وَبَغَى عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَظَاهَرَ الْمُشْرِكِينَ؟ فَلَمَّا رَأَى اللَّهَ يُعِزُّ دِينَهُ، وَيُظْهِرُ رَسُولَهُ أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ فِيمَا نَرَى رَاهِبٌ غَيْرَ رَاغِبٍ! ثُمَّ قُبِضَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَاللَّهِ إِنْ زَالَ بَعْدَهُ مَعْرُوفًا بِعَدَاوَةِ الْمُسْلِمِ وَاتِّبَاعِ الْمُجْرِمِ، فَاثْبُتُوا لَهُ وَقَاتِلُوهُ.
وَقَالَ عَمَّارٌ لِزِيَادِ بْنِ النَّضْرِ، وَهُوَ عَلَى الْخَيْلِ: احْمِلْ عَلَى أَهْلِ الشَّامِ. فَحَمَلَ وَقَاتَلَهُ النَّاسُ وَصَبَرُوا لَهُ، وَحَمَلَ عَمَّارٌ فَأَزَالَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ عَنْ مَوْضِعِهِ، وَبَارَزَ يَوْمَئِذٍ زِيَادُ بْنُ النَّضْرِ أَخَاهُ لِأُمِّهِ، وَاسْمُهُ عَمْرُو بْنُ مُعَاوِيَةَ مِنْ بَنِي الْمُنْتَفِقِ، فَلَمَّا الْتَقَيَا تَعَارَفَا، فَانْصَرَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ وَتَرَاجَعَ النَّاسُ. وَخَرَجَ مِنَ الْغَدِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَهُوَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ، وَخَرَجَ إِلَيْهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي جَمْعَيْنِ عَظِيمَيْنِ، فَاقْتَتَلُوا أَشَدَّ الْقِتَالِ، وَأَرْسَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ إِلَى ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ يَدْعُوهُ إِلَى الْمُبَارَزَةِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ، فَحَرَّكَ عَلِيٌّ دَابَّتَهُ وَرَدَّ ابْنَهُ، وَبَرَزَ عَلِيٌّ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ، فَرَجَعَ عُبَيْدُ اللَّهِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ لِأَبِيهِ: لَوْ تَرَكَتْنِي لَرَجَوْتُ قَتْلَهُ. وَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَكَيْفَ تَبْرُزُ إِلَى هَذَا الْفَاسِقِ؟ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْغَبُ بِكَ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute