للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَامَ يَزِيدُ بْنُ قَيْسٍ الْأَرْحَبِيُّ يُحَرِّضُ النَّاسَ فَقَالَ: إِنَّ الْمُسْلِمَ مَنْ سَلِمَ فِي دِينِهِ وَرَأْيِهِ، وَإِنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ وَاللَّهِ لَا يُقَاتِلُونَا عَلَى إِقَامَةِ دِينٍ ضَيَّعْنَاهُ، وَإِحْيَاءِ حَقٍّ أَمَتْنَاهُ، إِنْ يُقَاتِلُونَنَا إِلَّا عَلَى هَذِهِ الدُّنْيَا، لِيَكُونُوا جَبَّارِينَ فِيهَا مُلُوكًا، فَلَوْ ظَهَرُوا عَلَيْكُمْ، لَا أَرَاهُمُ اللَّهُ ظُهُورًا وَلَا سُرُورًا، أَلْزَمُوكُمْ بِمِثْلِ سَعِيدٍ وَالْوَلِيدِ وَابْنِ عَامِرٍ السَّفِيهِ الضَّالِّ، يُجِيزُ أَحَدُهُمْ بِمِثْلِ دِيَتِهِ وَدِيَةِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ فِي جَلْسِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: هَذَا لِي وَلَا إِثْمَ عَلَيَّ، كَأَنَّمَا أُعْطِيَ تُرَاثَهُ عَلَى أَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَإِنَّمَا مَالُ اللَّهِ أَفَاءَهُ عَلَيْنَا بِأَرْمَاحِنَا وَسُيُوفِنَا، فَقَاتِلُوا عِبَادَ اللَّهِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يُفْسِدُوا عَلَيْكُمْ دِينَكُمْ وَدُنْيَاكُمْ وَهُمْ مَنْ قَدْ عَرَفْتُمْ وَخَبِرْتُمْ! وَاللَّهِ مَا ازْدَادُوا إِلَى يَوْمِهِمْ إِلَّا شَرًّا!

وَقَاتَلَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُدَيْلٍ فِي الْمَيْمَنَةِ قِتَالًا شَدِيدًا حَتَّى انْتَهَى إِلَى قُبَّةِ مُعَاوِيَةَ. وَأَقْبَلُ الَّذِينَ تَبَايَعُوا عَلَى الْمَوْتِ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَصْمُدُوا لِابْنِ بُدَيْلٍ فِي الْمَيْمَنَةِ، وَبَعَثَ إِلَى حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ فِي الْمَيْسَرَةِ، فَحَمَلَ بِهِمْ وَبِمَنْ كَانَ مَعَهُ عَلَى مَيْمَنَةِ النَّاسِ فَهَزَمَهُمْ، وَانْكَشَفَ أَهْلُ الْعِرَاقِ مِنْ قَبْلِ الْمَيْمَنَةِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ (إِلَّا ابْنُ بُدَيْلٍ فِي مِائَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثِمِائَةٍ مِنَ الْقُرَّاءِ، قَدْ أُسْنِدَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، وَانْجَفَلَ النَّاسُ، وَأَمْرَ عَلِيٌّ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ فَاسْتُقْدِمَ فِيمَنْ كَانَ مَعَهُ) مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَاسْتَقْبَلَتْهُمْ جُمُوعٌ لِأَهْلِ الشَّامِ عَظِيمَةٌ، فَاحْتَمَلَتْهُمْ حَتَّى أَوْقَفَتْهُمْ فِي الْمَيْمَنَةِ، وَكَانَ فِيمَا بَيْنَ الْمَيْمَنَةِ إِلَى مَوْقِفِ عَلِيٍّ فِي الْقَلْبِ أَهْلُ الْيَمَنِ. فَلَمَّا انْكَشَفُوا انْتَهَتِ الْهَزِيمَةُ إِلَى عَلِيٍّ، فَانْصَرَفَ عَلِيٌّ يَمْشِي نَحْوَ الْمَيْسَرَةِ، فَانْكَشَفَتْ عَنْهُ مُضَرُ مِنَ الْمَيْسَرَةِ، وَثَبَتَتْ رَبِيعَةُ. وَكَانَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَمُحَمَّدٌ بَنُو عَلِيٍّ مَعَهُ حِينَ قَصَدَ الْمَيْسَرَةَ، وَالنَّبْلُ يَمُرُّ بَيْنَ عَاتِقِهِ وَمَنْكِبَيْهِ، وَمَا مِنْ بَنِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>