نُعَيْمٍ، وَرَبِيعَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ وَهْبِيلٍ) ، وَأُبَيٌّ أَخُو عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ الْفَقِيهِ، وَقُطِعَتْ رِجْلُ عَلْقَمَةَ يَوْمَئِذٍ، فَكَانَ يَقُولُ: مَا أُحِبُّ أَنَّ رِجْلِي أَصَحُّ مِمَّا كَانَتْ، وَإِنَّهَا لَمِمَّا أَرْجُو بِهَا الثَّوَابَ وَحُسْنَ الْجَزَاءِ مِنْ رَبِّي. قَالَ: وَرَأَيْتُ أَخِي فِي الْمَنَامِ فَقُلْتُ لَهُ: مَاذَا قَدِمْتُمْ عَلَيْهِ؟ فَقَالَ لِي: إِنَّا الْتَقَيْنَا نَحْنُ وَالْقَوْمُ عِنْدَ اللَّهِ - تَعَالَى -، فَاحْتَجَجْنَا فَحَجَجْنَاهُمْ، فَمَا سُرِرْتُ بِشَيْءٍ سُرُورِي بِتِلْكَ الرُّؤْيَا، (وَكَانَ يُقَالُ لِأُبَيٍّ: أُبَيُّ الصَّلَاةِ، لِكَثْرَةِ صَلَاتِهِ) . وَخَرَجَتْ حِمْيَرُ فِي جَمْعِهَا، وَمَنِ انْضَمَّ إِلَيْهَا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، وَمُقَدَّمُهُمْ ذُو الْكَلَاعِ، وَمَعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَهُمْ مَيْمَنَةُ أَهْلِ الشَّامِ، فَقَصَدُوا رَبِيعَةَ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَكَانَتْ رَبِيعَةُ مَيْسَرَةَ أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَفِيهِمُ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى الْمَيْسَرَةِ، فَحَمَلُوا عَلَى رَبِيعَةَ حَمْلَةً شَدِيدَةً، فَتَضَعْضَعَتْ رَايَةُ رَبِيعَةَ. وَكَانَتِ الرَّايَةُ مَعَ أَبِي سَاسَانَ حُضَيْنِ بْنِ الْمُنْذِرِ، فَانْصَرَفَ أَهْلُ الشَّامِ عَنْهُمْ، ثُمَّ كَرَّ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَقَالَ: يَا أَهْلَ الشَّامِ إِنَّ هَذَا الْحَيَّ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ قَتَلَةُ عُثْمَانَ وَأَنْصَارُ عَلِيٍّ. فَشُدُّوا عَلَى النَّاسِ شَدَّةً عَظِيمَةً، فَثَبَتَتْ رَبِيعَةُ، وَصَبَرُوا صَبْرًا حَسَنًا، إِلَّا قَلِيلًا مِنَ الضُّعَفَاءِ وَالْفَشَلَةِ، وَثَبَتَ أَهْلُ الرَّايَاتِ وَأَهْلُ الصَّبْرِ وَالْحُفَّاظُ، وَقَاتَلُوا قِتَالًا حَسَنًا، وَانْهَزَمَ خَالِدُ بْنُ الْمُعَمِّرِ مَعَ مَنِ انْهَزَمَ، وَكَانَ عَلَى رَبِيعَةَ، فَلَمَّا رَأَى أَصْحَابَ الرَّايَاتِ قَدْ صَبَرُوا رَجَعَ، وَصَاحَ بِمَنِ انْهَزَمَ، وَأَمَرَهُمْ بِالرُّجُوعِ فَرَجَعُوا، وَكَانَ خَالِدٌ قَدْ سَعَى بِهِ إِلَى عَلِيٍّ أَنَّهُ كَاتَبَ مُعَاوِيَةَ، فَأَحْضَرَهُ عَلِيٌّ وَمَعَهُ رَبِيعَةُ، فَسَأَلَهُ عَلِيٌّ عَمَّا قِيلَ، وَقَالَ لَهُ: إِنْ كُنْتَ فَعَلْتَ ذَلِكَ فَالْحَقْ بِأَيِّ بَلَدٍ شِئْتَ، لَا يَكُونُ لِمُعَاوِيَةَ عَلَيْهِ حُكْمٌ. فَأَنْكَرَ ذَلِكَ.
وَقَالَتْ رَبِيعَةُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَوْ نَعْلَمُ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لَقَتَلْنَاهُ، فَاسْتَوْثَقَ مِنْهُ عَلِيٌّ بِالْعُهُودِ، فَلَمَّا فَرَّ اتَّهَمَهُ بَعْضُ النَّاسِ، وَاعْتَذَرَ هُوَ بِأَنِّي لَمَّا رَأَيْتُ رِجَالًا مِنَّا قَدِ انْهَزَمُوا اسْتَقْبَلْتُهُمْ لِأَرُدَّهُمْ إِلَيْكُمْ، فَأَقْبَلْتُ بِمَنْ أَطَاعَنِي إِلَيْكُمْ. وَلَمَّا رَجَعَ إِلَى مَقَامِهِ حَرَّضَ رَبِيعَةَ، فَاشْتَدَّ قِتَالُهُمْ مَعَ حِمْيَرَ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، حَتَّى كَثُرَتْ بَيْنَهُمُ الْقَتْلَى، فَقُتِلَ سُمَيْرُ بْنُ الرَّيَّانِ الْعِجْلِيُّ، وَكَانَ شَدِيدَ الْبَأْسِ، وَأَتَى زِيَادُ (بْنُ عُمَرَ) بْنِ خَصَفَةَ عَبْدَ الْقَيْسِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute