فَأَعْلَمَهُمْ بِمَا لَقِيَتْ بَكْرُ بْنُ وَائِلٍ مِنْ حِمْيَرَ، وَقَالَ: يَا عَبْدَ الْقَيْسِ لَا بَكْرَ بَعْدَ الْيَوْمِ، فَأَتَتْ عَبْدُ الْقَيْسِ بَنِي بَكْرٍ، فَقَاتَلُوا مَعَهُمْ، فَقُتِلَ ذُو الْكَلَاعِ الْحِمْيَرِيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، قَتَلَهُ مُحْرِزُ بْنُ الصَّحْصَحِ مِنْ تَيْمِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَأَخَذَ سَيْفَهُ ذُو الْوِشَاحِ، وَكَانَ لِعُمَرَ، فَلَمَّا مَلَكَ مُعَاوِيَةُ الْعِرَاقَ أَخَذَهُ مِنْهُ، وَقِيلَ: بَلْ قَتَلَهُ هَانِئُ بْنُ خَطَّابٍ الْأَرْحَبِيُّ، (وَقِيلَ: قَتَلَهُ مَالِكُ بْنُ عَمْرٍو التِّنْعِيُّ الْحَضْرَمِيُّ) .
وَخَرَجَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي لَوْ أَعْلَمُ أَنَّ رِضَاكَ فِي أَنْ أَقْذِفَ بِنَفْسِي فِي هَذَا الْبَحْرِ لَفَعَلْتُهُ. اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي لَوْ أَعْلَمُ أَنَّ رِضَاكَ فِي أَنْ أَضَعَ ظُبَةَ سَيْفِي فِي بَطْنِي ثُمَّ أَنْحَنِي عَلَيْهَا حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ ظَهْرِي لَفَعَلْتُهُ. وَإِنِّي لَا أَعْلَمُ الْيَوْمَ عَمَلًا هُوَ أَرْضَى لَكَ مِنْ جِهَادِ هَؤُلَاءِ الْفَاسِقِينَ، وَلَوْ أَعْلَمُ عَمَلًا هُوَ أَرْضَى لَكَ مِنْهُ لَفَعَلْتُهُ. وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَى قَوْمًا لَيَضْرِبُنَّكُمْ ضَرْبًا يَرْتَابُ مِنْهُ الْمُبْطِلُونَ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ ضَرَبُونَا حَتَّى يَبْلُغُوا بِنَا سَعَفَاتِ هَجَرَ، لَعَلِمْتُ أَنَّا عَلَى الْحَقِّ، وَأَنَّهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ. ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَبْتَغِي رِضْوَانَ اللَّهِ رَبِّهِ وَلَا يَرْجِعُ إِلَى مَالٍ وَلَا وَلَدٍ؟ فَأَتَاهُ عِصَابَةٌ، فَقَالَ: اقْصِدُوا بِنَا هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ الَّذِينَ يَطْلُبُونَ دَمَ عُثْمَانَ، وَاللَّهِ مَا أَرَادُوا الطَّلَبَ بِدَمِهِ، وَلَكِنَّهُمْ ذَاقُوا الدُّنْيَا وَاسْتَحَبُّوهَا، وَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ إِذَا لَزِمَهُمْ حَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَتَمَرَّغُونَ فِيهِ مِنْهَا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ سَابِقَةٌ يَسْتَحِقُّونَ بِهَا طَاعَةَ النَّاسِ وَالْوِلَايَةَ عَلَيْهِمْ، فَخَدَعُوا أَتْبَاعَهُمْ وَإِنْ قَالُوا: إِمَامُنَا قُتِلَ مَظْلُومًا، لِيَكُونُوا بِذَلِكَ جَبَابِرَةً مُلُوكًا، فَبَلَغُوا مَا تَرَوْنَ، فَلَوْلَا هَذِهِ مَا تَبِعَهُمْ مِنَ النَّاسِ رَجُلَانِ. اللَّهُمَّ إِنْ تَنْصُرْنَا فَطَالَمَا نَصَرْتَ، وَإِنْ تَجْعَلْ لَهُمُ الْأَمْرَ فَادَّخِرْ لَهُمْ بِمَا أَحْدَثُوا فِي عِبَادِكَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ. ثُمَّ مَضَى وَمَعَهُ تِلْكَ الْعِصَابَةُ، فَكَانَ لَا يَمُرُّ بِوَادٍ مِنْ أَوْدِيَةِ صِفِّينَ إِلَّا تَبِعَهُ مَنْ كَانَ هُنَاكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ جَاءَ إِلَى هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَهُوَ الْمِرْقَالُ، وَكَانَ صَاحِبَ رَايَةِ عَلِيٍّ، وَكَانَ أَعْوَرَ، فَقَالَ: يَا هَاشِمُ أَعَوَرًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute