للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجُبْنًا؟ لَا خَيْرَ فِي أَعْوَرَ لَا (يَغْشَى الْبَأْسَ) ، ارْكَبْ يَا هَاشِمُ، فَرَكِبَ وَمَضَى مَعَهُ وَهُوَ يَقُولُ:

أَعْوَرُ يَبْغِي أَهْلَهُ مَحَلَّا ... قَدْ عَالَجَ الْحَيَاةَ حَتَّى مَلَّا

(لَا بُدَّ أَنْ يَفُلَّ أَوْ يُفَلَّا ... يَتُلُّهُمْ بِذِي الْكُعُوبِ تَلَّا)

وَعَمَّارٌ يَقُولُ: تَقَدَّمْ يَا هَاشِمُ، الْجَنَّةُ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ، وَالْمَوْتُ تَحْتَ أَطْرَافِ الْأَسَلِ، وَقَدْ فُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَتَزَيَّنَتِ الْحُورُ الْعِينُ. الْيَوْمَ أَلْقَى الْأَحِبَّةَ، مُحَمَّدًا وَحِزْبَهُ. وَتَقَدَّمَ حَتَّى دَنَا مِنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ لَهُ: يَا عَمْرُو بِعْتَ دِينَكَ بِمِصْرَ، تَبًّا لَكَ! فَقَالَ لَهُ: لَا، وَلَكِنْ أَطْلُبُ بِدَمِ عُثْمَانَ. قَالَ: أَنَا أَشْهَدُ عَلَى عِلْمِي فِيكَ أَنَّكَ لَا تَطْلُبُ بِشَيْءٍ مِنْ فِعْلِكَ وَجْهَ اللَّهِ، (وَأَنَّكَ إِنْ لَمْ تُقْتَلِ الْيَوْمَ تَمُتْ غَدًا) ، فَانْظُرْ إِذَا أُعْطِيَ النَّاسُ عَلَى قَدْرِ نِيَّاتِهِمْ مَا نِيَّتُكَ، لَقَدْ قَاتَلْتُ صَاحِبَ هَذِهِ الرَّايَةِ ثَلَاثًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهَذِهِ الرَّابِعَةُ مَا هِيَ بِأَبَرَّ وَأَتْقَى. ثُمَّ قَاتَلَ عَمَّارٌ فَلَمْ يَرْجِعْ وَقُتِلَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>