وَقَالَ حَبَّةُ بْنُ جُوَيْنٍ الْعُرَنِيُّ: «قُلْتُ لِحُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ: حَدِّثْنَا فَإِنَّا نَخَافُ الْفِتَنَ. فَقَالَ: عَلَيْكُمْ بِالْفِئَةِ الَّتِي فِيهَا ابْنُ سُمَيَّةَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ النَّاكِبَةُ عَنِ الطَّرِيقِ، وَإِنَّ آخِرَ رِزْقِهِ ضَيَاحٌ مِنْ لَبَنٍ» " - وَهُوَ الْمَمْزُوجُ بِالْمَاءِ مِنَ اللَّبَنِ -. قَالَ حَبَّةٌ: فَشَهِدْتُهُ يَوْمَ قُتِلَ وَهُوَ يَقُولُ: ائْتُونِي بِآخِرِ رِزْقٍ لِي فِي الدُّنْيَا، فَأُتِيَ بِضَيَاحٍ مِنْ لَبَنٍ، فِي قَدَحٍ أَرْوَحَ لَهُ حَلْقَةٌ حَمْرَاءُ، فَمَا أَخْطَأَ حُذَيْفَةُ مِقْيَاسَ شَعْرَةٍ، فَقَالَ:
الْيَوْمَ أَلْقَى الْأَحِبَّهْ مُحَمَّدًا وَحِزْبَهُ
وَاللَّهِ لَوْ ضَرَبُونَا حَتَّى يَبْلُغُوا بِنَا سَعَفَاتِ هَجَرَ، لَعَلِمْتُ أَنَّنَا عَلَى الْحَقِّ، وَأَنَّهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ. ثُمَّ قُتِلَ، قَتَلَهُ أَبُو الْغَادِيَةِ، وَاحْتَزَّ رَأْسَهُ ابْنُ حُوَيٍّ السَّكْسَكِيُّ، (وَقِيلَ قَتَلَهُ غَيْرُهُ) .
وَقَدْ كَانَ ذُو الْكَلَاعِ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ يَقُولُ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ: (تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ، وَآخِرُ شَرْبَةٍ تَشْرَبُهَا ضَيَاحٌ مِنْ لَبَنٍ» ) ، فَكَانَ ذُو الْكَلَاعِ يَقُولُ لِعَمْرٍو: مَا هَذَا وَيْحَكَ يَا عَمْرُو؟ فَيَقُولُ عَمْرٌو: إِنَّهُ سَيَرْجِعُ إِلَيْنَا، فَقُتِلَ ذُو الْكَلَاعِ قَبْلَ عَمَّارٍ مَعَ مُعَاوِيَةَ، وَأُصِيبَ عَمَّارٌ بَعْدَهُ مَعَ عَلِيٍّ، فَقَالَ عَمْرٌو لِمُعَاوِيَةَ: مَا أَدْرِي بِقَتْلِ أَيِّهِمَا أَنَا أَشَدُّ فَرَحًا، بِقَتْلِ عَمَّارٍ أَوْ بِقَتْلِ ذِي الْكَلَاعِ، وَاللَّهِ لَوْ بَقِيَ ذُو الْكَلَاعِ بَعْدَ قَتْلِ عَمَّارٍ (لَمَالَ بِعَامَّةِ) أَهْلِ الشَّامِ إِلَى عَلِيٍّ. فَأَتَى جَمَاعَةٌ إِلَى مُعَاوِيَةَ كُلُّهُمْ يَقُولُ: أَنَا قَتَلْتُ عَمَّارًا. فَيَقُولُ عَمْرٌو: فَمَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ؟ فَيَخْلِطُونَ، فَأَتَاهُ ابْنُ حُوَيٍّ فَقَالَ: أَنَا قَتَلْتُهُ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:
الْيَوْمَ أَلْقَى الْأَحِبَّهْ مُحَمَّدًا وَحِزْبَهْ.
فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو: أَنْتَ صَاحِبُهُ، ثُمَّ قَالَ: رُوَيْدًا، وَاللَّهِ مَا ظَفِرَتْ يَدَاكَ، وَلَقَدْ أَسْخَطْتَ رَبَّكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute