إِلَى كِتَابِ اللَّهِ. فَقَالَ لَهُمْ عَلِيٌّ: عِبَادَ اللَّهِ، امْضُوا عَلَى حَقِّكُمْ وَصِدْقِكُمْ، وَقِتَالِ عَدُوِّكُمْ، فَإِنَّ مُعَاوِيَةَ وَعَمْرًا، وَابْنَ أَبِي مُعَيْطٍ، وَحَبِيبًا، وَابْنَ أَبِي سَرْحٍ وَالضَّحَّاكَ، لَيْسُوا بِأَصْحَابِ دِينٍ وَلَا قُرْآنٍ، أَنَا أَعْرَفُ بِهِمْ مِنْكُمْ، قَدْ صَحِبْتُمْ أَطْفَالًا، ثُمَّ رِجَالًا، فَكَانُوا شَرَّ أَطْفَالٍ وَشَرَّ رِجَالٍ، وَيْحَكُمْ وَاللَّهِ مَا رَفَعُوهَا إِلَّا خَدِيعَةً وَوَهْنًا وَمَكِيدَةً. فَقَالُوا لَهُ: لَا يَسَعُنَا أَنْ نُدْعَى إِلَى كِتَابِ اللَّهِ فَنَأْبَى أَنْ نَقْبَلَهُ! فَقَالَ لَهُمْ عَلِيٌّ: فَإِنِّي إِنَّمَا أُقَاتِلُهُمْ لِيَدِينُوا لِحُكْمِ الْكِتَابِ، فَإِنَّهُمْ قَدْ عَصَوُا اللَّهَ فِيمَا أَمَرَهُمْ، وَنَسُوا عَهْدَهُ، وَنَبَذُوا كِتَابَهُ. فَقَالَ لَهُ مِسْعَرُ بْنُ فَدَكِيٍّ التَّمِيمِيُّ، وَزَيْدُ بْنُ حُصَيْنٍ الطَّائِيُّ، فِي عِصَابَةٍ مِنَ الْقُرَّاءِ الَّذِينَ صَارُوا خَوَارِجَ بَعْدَ ذَلِكَ: يَا عَلِيُّ أَجِبْ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - إِذْ دُعِيتَ إِلَيْهِ، وَإِلَّا دَفَعْنَاكَ بِرُمَّتِكَ إِلَى الْقَوْمِ، أَوْ نَفْعَلُ بِكَ مَا فَعَلْنَا بِابْنِ عَفَّانَ! قَالَ: فَاحْفَظُوا عَنِّي نَهْيِي إِيَّاكُمْ، وَاحْفَظُوا مَقَالَتَكُمْ لِي، فَإِنْ تُطِيعُونِي فَقَاتِلُوا، وَإِنْ تَعْصَوْنِي، فَاصْنَعُوا مَا بَدَا لَكُمْ. قَالُوا: ابْعَثْ إِلَى الْأَشْتَرِ فَلْيَأْتِكَ. فَبَعَثَ عَلِيٌّ يَزِيدَ بْنَ هَانِئٍ إِلَى الْأَشْتَرِ يَسْتَدْعِيهِ. فَقَالَ الْأَشْتَرُ: لَيْسَتْ هَذِهِ السَّاعَةُ بِالسَّاعَةِ الَّتِي يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تُزِيلَنِي [فِيهَا] عَنْ مَوْقِفِي، إِنَّنِي قَدْ رَجَوْتُ أَنْ يَفْتَحَ اللَّهُ لِي! فَرَجَعَ يَزِيدُ فَأَخْبَرَهُ، وَارْتَفَعَتِ الْأَصْوَاتُ وَارْتَفَعَ الرَّهَجُ مِنْ نَاحِيَةِ الْأَشْتَرِ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا أَمَرْتَهُ أَنْ يُقَاتِلَ! فَقَالَ عَلِيٌّ: هَلْ رَأَيْتُمُونِي سَارَرْتُهُ؟ أَلَيْسَ كَلَّمْتُهُ عَلَى رُؤُوسِكُمْ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ؟ قَالُوا: فَابْعَثْ إِلَيْهِ فَلْيَأْتِكَ، وَإِلَّا وَاللَّهِ اعْتَزَلْنَاكَ! فَقَالَ لَهُ: وَيْلَكَ يَا يَزِيدُ! قُلْ لَهُ: أَقْبِلْ إِلَيَّ فَإِنَّ الْفِتْنَةَ قَدْ وَقَعَتْ. فَأَبْلَغَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ الْأَشْتَرُ: أَلِرَفْعِ الْمَصَاحِفِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ ظَنَنْتُ أَنَّهَا سَتُوقِعُ اخْتِلَافًا وَفُرْقَةً! إِنَّهَا مَشُورَةُ (ابْنِ الْعَاهِرِ) ! أَلَا تَرَى إِلَى الْفَتْحِ؟ أَلَا تَرَى مَا يُلْقُونَ؟ أَلَا تَرَى مَا صَنَعَ اللَّهُ لَنَا؟ لَنْ يَنْبَغِيَ أَنْ أَدَعَ هَؤُلَاءِ! وَانْصَرَفَ عَنْهُمْ. فَقَالَ لَهُ يَزِيدُ: أَتُحِبُّ أَنْ تَظْفَرَ وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يُسْلَمُ إِلَى عَدُوِّهِ أَوْ يُقْتَلُ؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ! فَأَعْلَمَهُ بِقَوْلِهِمْ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِمُ الْأَشْتَرُ وَقَالَ: يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ! يَا أَهْلَ الذُّلِّ وَالْوَهَنِ! أَحِينَ عَلَوْتُمُ الْقَوْمَ، وَظَنُّوا أَنَّكُمْ لَهُمْ قَاهِرُونَ رَفَعُوا الْمَصَاحِفَ يَدْعُونَكُمْ إِلَى مَا فِيهَا، وَهُمْ وَاللَّهِ، قَدْ تَرَكُوا مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فِيهَا، وَسُنَّةَ مَنْ أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ؟ فَأَمْهِلُونِي (فُوَاقًا فَإِنِّي) قَدْ أَحْسَسْتُ بِالْفَتْحِ. قَالُوا: لَا. قَالَ: أَمْهِلُونِي عَدْوَ الْفَرَسِ، فَإِنِّي قَدْ طَمِعْتُ فِي النَّصْرِ. قَالُوا: إِذَنْ نَدْخُلُ مَعَكَ فِي خَطِيئَتِكَ. قَالَ: فَخَبِّرُونِي عَنْكُمْ مَتَى كُنْتُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute