للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَلْ أَنَا إِلَّا مِنْ غَزِيَّةَ إِنْ غَوَتْ غَوَيْتُ وَإِنْ تَرْشُدْ غَزِيَّةُ أَرْشُدِ

وَاللَّهِ لَقَدْ فَعَلْتُمْ فِعْلَةً ضَعْضَعَتْ قُوَّةً، وَأَسْقَطَتْ مُنَّةً، وَأَوْرَثَتْ وَهَنًا وَذِلَّةً، وَلَمَّا كُنْتُمُ الْأَعْلَيْنَ وَخَافَ عَدُوُّكُمْ الِاجْتِيَاحَ وَاسْتَحَرَّ بِهِمُ الْقَتْلُ، وَوَجَدُوا أَلَمَ الْجِرَاحِ رَفَعُوا الْمَصَاحِفَ، فَدَعَوْكُمْ إِلَى مَا فِيهَا لِيَفْتِنُوكُمْ عَنْهُمْ، وَيَقْطَعُوا الْحَرْبَ، وَيَتَرَبَّصُوا بِكُمُ الْمَنُونَ خَدِيعَةً وَمَكِيدَةً، فَأَعْطَيْتُمُوهُمْ مَا سَأَلُوا، وَأَبَيْتُمْ إِلَّا أَنْ تُدْهِنُوا وَتُجِيرُوا، وَايْمُ اللَّهِ مَا أَظُنُّكُمْ بَعْدَهَا تُوَفَّقُونَ الرُّشْدَ وَلَا تُصِيبُونَ بَابَ الْحَزْمِ.

ثُمَّ رَجَعَ النَّاسُ عَنْ صِفِّينَ، فَلَمَّا رَجَعَ عَلِيٌّ خَالَفَتِ الْحَرُورِيَّةُ وَخَرَجَتْ، كَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ مَا ظَهَرَتْ (وَأَنْكَرَتْ تَحْكِيمَ الرِّجَالِ) ، وَرَجَعُوا عَلَى غَيْرِ الطَّرِيقِ الَّذِي أَقْبَلُوا فِيهِ، أَخَذُوا عَلَى طَرِيقِ الْبَرِّ، وَعَادُوا وَهُمْ أَعْدَاءٌ مُتَبَاغِضُونَ (وَقَدْ فَشَا فِيهِمُ التَّحْكِيمُ) يَقْطَعُونَ الطَّرِيقَ بِالتَّشَاتُمِ وَالتَّضَارُبِ بِالسِّيَاطِ، يَقُولُ الْخَوَارِجُ: يَا أَعْدَاءَ اللَّهِ أَدْهَنْتُمْ فِي أَمْرِ اللَّهِ، وَيَقُولُ الْآخَرُونَ: فَارَقْتُمْ إِمَامَنَا وَفَرَّقْتُمْ جَمَاعَتَنَا.

وَسَارُوا حَتَّى جَازُوا النُّخَيْلَةَ، وَرَأَوْا بُيُوتَ الْكُوفَةِ، فَإِذَا بِشَيْخٍ فِي ظِلِّ بَيْتٍ عَلَيْهِ أَثَرُ الْمَرَضِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، فَرَدَّ رَدًّا حَسَنًا، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: أَرَى وَجْهَكَ مُتَغَيِّرًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>