للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَعْتَدُّ بِرَأْيِهِ؟ فَقَالَ لَهُ: وَمَا يَمْنَعُكَ يَا ابْنَ النَّابِغَةِ أَنْ تَقْبَلَ مِنْ مَوْلَاكَ وَسَيِّدِ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ نَبِيِّهِمْ مَشُورَتَهُ؟ فَقَدْ كَانَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ يَسْتَشِيرَانِهِ، وَيَعْمَلَانِ بِرَأْيِهِ. فَقَالَ لَهُ: إِنَّ مِثْلِي لَا يُكَلِّمُ مِثْلَكَ. قَالَ شُرَيْحٌ: بِأَيِّ أَبَوَيْكَ تَرْغَبُ عَنِّي يَا ابْنَ النَّابِغَةِ؟ أَبِأَبِيكَ الْوَسَطِ أَمْ بِأُمِّكَ النَّابِغَةِ؟ فَقَامَ عَنْهُ.

وَأَرْسَلَ عَلِيٌّ أَيْضًا مَعَهُمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ لِيُصَلِّيَ بِهِمْ وَيَلِيَ أُمُورَهُمْ، وَمَعَهُمْ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ.

وَأَرْسَلَ مُعَاوِيَةُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ فِي أَرْبَعِمِائَةٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، حَتَّى تَوَافَوْا مِنْ دُومَةِ الْجَنْدَلِ بِأَذْرُحٍ. وَكَانَ عَمْرٌو إِذَا أَتَاهُ كِتَابٌ مِنْ مُعَاوِيَةَ لَا يَدْرِي بِمَا جَاءَ فِيهِ، وَلَا يَسْأَلُهُ أَهْلُ الشَّامِ عَنْ شَيْءٍ، وَكَانَ أَهْلُ الْعِرَاقِ يَسْأَلُونَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ كِتَابٍ يَصِلُهُ مِنْ عَلِيٍّ، فَإِنْ كَتَمَهُمْ ظَنُّوا بِهِ الظُّنُونَ وَقَالُوا: أَتُرَاهُ كَتَبَ بِكَذَا وَكَذَا؟ فَقَالَ لَهُمُ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمَا تَعْقِلُونَ؟ أَمَا تَرَوْنَ رَسُولَ مُعَاوِيَةَ يَجِيءُ، لَا يَعْلَمُ أَحَدٌ بِمَا جَاءَ بِهِ، وَلَا يُسْمَعُ لَهُمْ صِيَاحٌ، وَأَنْتُمْ عِنْدِي كُلَّ يَوْمٍ تَظُنُّونَ فِيَّ الظُّنُونَ؟

وَحَضَرَ مَعَهُمُ ابْنُ عُمَرَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ الزُّهْرِيُّ، وَأَبُو جَهْمِ بْنُ حُذَيْفَةَ الْعَدَوِيُّ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ.

وَكَانَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ عَلَى مَاءٍ لَبَنِي سُلَيْمٍ بِالْبَادِيَةِ، فَأَتَاهُ ابْنُهُ عُمَرُ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ أَبَا مُوسَى وَعَمْرًا قَدْ شَهِدَهُمَا نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فَاحْضُرْ مَعَهُمْ فَإِنَّكَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَحَدُ الشُّورَى، وَلَمْ تَدْخُلْ فِي شَيْءٍ كَرِهَتْهُ هَذِهِ الْأُمَّةُ، وَأَنْتَ أَحَقُّ النَّاسِ بِالْخِلَافَةِ. فَلَمْ يَفْعَلْ، وَقِيلَ: بَلْ حَضَرَهُمْ سَعْدٌ، وَنَدِمَ عَلَى حُضُورِهِ فَأَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ.

وَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ لِرِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ: أَتَرَوْنَ أَحَدًا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَأْتِيَ بِرَأْيٍ يَعْلَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>