تَحْتَ هَذِهِ الرَّايَةِ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ لَمْ يَقْتُلْ وَلَمْ يَسْتَعْرِضْ، وَمَنِ انْصَرَفَ مِنْكُمْ إِلَى الْكُوفَةِ أَوِ الْمَدَائِنِ، وَخَرَجَ مِنْ هَذِهِ الْجَمَاعَةِ فَهُوَ آمِنٌ، لَا حَاجَةَ لَنَا بَعْدَ أَنْ نُصِيبَ قَتَلَةَ إِخْوَانِنَا مِنْكُمْ فِي سَفْكِ دِمَائِكُمْ.
فَقَالَ فَرْوَةُ بْنُ نَوْفَلٍ الْأَشْجَعِيُّ: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي عَلَى أَيِّ شَيْءٍ نُقَاتِلُ عَلِيًّا، أَرَى أَنْ أَنْصَرِفَ حَتَّى يَتَّضِحَ لِي بَصِيرَتِي فِي قِتَالِهِ أَوْ أُتَابِعَهُ. فَانْصَرَفَ فِي خَمْسِمِائَةِ فَارِسٍ حَتَّى نَزَلَ الْبَنْدَنِيجَيْنَ وَالدَّسْكَرَةَ. وَخَرَجَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى مُتَفَرِّقِينَ، فَنَزَلُوا الْكُوفَةَ، وَخَرَجَ إِلَى عَلِيٍّ نَحْوُ مِائَةٍ، وَكَانُوا أَرْبَعَةَ آلَافٍ، فَبَقِيَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ أَلْفٌ وَثَمَانُمِائَةٍ، (فَزَحَفُوا إِلَى عَلِيٍّ) ، وَكَانَ عَلِيٌّ قَدْ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: كُفُّوا عَنْهُمْ حَتَّى يَبْدَأُوكُمْ. فَتَنَادَوْا: الرَّوَاحَ إِلَى الْجَنَّةِ! وَحَمَلُوا عَلَى النَّاسِ، فَافْتَرَقَتْ خَيْلُ عَلِيٍّ فِرْقَتَيْنِ: فِرْقَةٌ نَحْوَ الْمَيْمَنَةِ، وَفِرْقَةٌ نَحْوَ الْمَيْسَرَةِ، وَاسْتَقْبَلَتِ الرُّمَاةُ وُجُوهَهُمْ بِالنَّبْلِ، عَطَفَتْ عَلَيْهِمُ الْخَيْلُ مِنَ الْمَيْمَنَةِ وَالْمَيْسَرَةِ، وَنَهَضَ إِلَيْهِمُ الرِّجَالُ بِالرِّمَاحِ وَالسُّيُوفِ، فَمَا لَبِثُوا أَنْ أَنَامُوهُمْ. فَلَمَّا رَأَى حَمْزَةُ بْنُ سِنَانٍ الْهَلَاكَ نَادَى أَصْحَابَهُ: أَنِ انْزِلُوا! فَذَهَبُوا لِيَنْزِلُوا، فَلَمْ يَلْبَثُوا أَنْ حَمَلَ عَلَيْهِمُ الْأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ الْمُرَادِيُّ، وَجَاءَتْهُمُ الْخَيْلُ مِنْ نَحْوِ عَلِيٍّ، فَأُهْلِكُوا فِي سَاعَةٍ، فَكَأَنَّمَا قِيلَ لَهُمْ مُوتُوا فَمَاتُوا.
وَجَاءَ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَتَلْتُ زَيْدَ بْنَ حُصَيْنٍ الطَّائِيَّ، طَعَنْتُهُ فِي صَدْرِهِ [حَتَّى] خَرَجَ السِّنَّانُ مِنْ ظَهْرِهِ، وَقُلْتُ لَهُ: أَبْشِرْ يَا عَدُوَّ اللَّهِ بِالنَّارِ. فَقَالَ: سَتَعْلَمُ غَدًا أَيَّنَا أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا. فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: هُوَ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا. وَجَاءَهُ هَانِئُ بْنُ خَطَّابٍ الْأَزْدِيُّ، وَزِيَادُ بْنُ خَصَفَةَ يَحْتَجَّانِ فِي قَتْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ، فَقَالَ: كَيْفَ صَنَعْتُمَا؟ قَالَا: لَمَّا رَأَيْنَاهُ عَرَفْنَاهُ، فَابْتَدَرْنَاهُ وَطَعَنَّاهُ بِرُمْحَيْنَا. فَقَالَ: كِلَاكُمَا قَاتِلٌ.
وَحَمَلَ جَيْشُ بْنُ رَبِيعَةَ الْكِنَانِيُّ عَلَى حُرْقُوصَ بْنِ زُهَيْرٍ فَقَتَلَهُ، وَحَمَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَحْرٍ الْخَوْلَانِيُّ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَجَرَةَ السُّلَمِيِّ فَقَتَلَهُ، وَوَقَعَ شُرَيْحُ بْنُ أَوْفَى إِلَى جَانِبِ جِدَارٍ، فَقَاتَلَ عَلَيْهِ، وَكَانَ (جُلُّ مَنْ يُقَاتِلُهُ هَمْدَانَ، فَقَالَ) :
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute