للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَثَدْيِ الْمَرْأَةِ، وَحَلَمَةٌ عَلَيْهَا شَعْرَاتٌ سُودٌ، فَإِذَا مُدَّتِ امْتَدَّتْ حَتَّى تُحَاذِيَ يَدَهُ الطُّولَى، ثُمَّ تُتْرَكُ فَتَعُودُ إِلَى مَنْكِبَيْهِ. فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ مَا كَذَبْتُ وَلَا كُذِبْتُ، لَوْلَا أَنْ تَنْكُلُوا عَنِ الْعَمَلِ لَأَخْبَرْتُكُمْ بِمَا قَصَّ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَنْ قَاتَلَهُمْ مُسْتَبْصِرًا فِي قِتَالِهِمْ، عَارِفًا لِلْحَقِّ الَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ.

وَقَالَ حِينَ مَرَّ بِهِمْ وَهُمْ صَرْعَى: بُؤْسًا لَكُمْ! لَقَدْ ضَرَّكُمْ مَنْ غَرَّكُمْ! قَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ غَرَّهُمْ؟ قَالَ: الشَّيْطَانُ وَأَنْفُسٌ أَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ، غَرَّتْهُمْ بِالْأَمَانِيِّ، وَزَيَّنَتْ لَهُمُ الْمَعَاصِيَ، وَنَبَّأَتْهُمْ أَنَّهُمْ ظَاهِرُونَ.

قِيلَ: وَأَخَذَ مَا فِي عَسْكَرِهِمْ مِنْ شَيْءٍ، فَأَمَّا السِّلَاحُ وَالدَّوَابُّ وَمَا شُهِرَ عَلَيْهِ فَقَسَّمَهُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَّا الْمَتَاعُ وَالْإِمَاءُ وَالْعَبِيدُ، فَإِنَّهُ رَدَّهُ عَلَى أَهْلِهِ حِينَ قَدِمَ.

وَطَافَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ فِي الْقَتْلَى عَلَى ابْنِهِ طَرَفَةَ فَدَفَنَهُ، وَدَفَنَ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَتْلَاهُمْ. (فَقَالَ عَلِيٌّ حِينَ بَلَغَهُ: أَتَقْتُلُونَهُمْ ثُمَّ تَدْفِنُونَهُمْ؟ ارْتَحِلُوا! فَارْتَحَلَ النَّاسُ) .

فَلَمْ يُقْتَلْ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ إِلَّا سَبْعَةٌ. وَقِيلَ: كَانَتِ الْوَقْعَةُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ. وَكَانَ فِيمَنْ قُتِلَ مِنْ أَصْحَابِهِ: يَزِيدُ بْنُ نُوَيْرَةَ الْأَنْصَارِيُّ، وَلَهُ صُحْبَةٌ وَسَابِقَةٌ، وَشَهِدَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْجَنَّةِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ قُتِلَ.

ذكر رُجُوعِ عَلِيٍّ إِلَى الْكُوفَةِ

وَلَمَّا فَرَغَ عَلِيٌّ مِنْ أَهْلِ النَّهْرِ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحْسَنَ بِكُمْ وَأَعَزَّ نَصْرَكُمْ، فَتَوَجَّهُوا مِنْ فَوْرِكُمْ هَذَا إِلَى عَدُوِّكُمْ. قَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَفِدَتْ نِبَالُنَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>