وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: كَانَ ثِقَةً.
قِيلَ: وَلَمَّا بَلَغَ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ إِنْفَاذُ الْأَشْتَرِ شَقَّ عَلَيْهِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ: أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَلَغَنِي مَوْجَدَتُكَ مِنْ تَسْرِيحَيِ الْأَشْتَرَ إِلَى عَمَلِكَ، وَإِنِّي لَمْ أَفْعَلْ ذَلِكَ اسْتِبْطَاءً لَكَ فِي الْجِهَادِ وَلَا ازْدِيَادًا مِنِّي لَكَ فِي الْجِدِّ، وَلَوْ نَزَعْتُ مَا تَحْتَ يَدِكَ لَوَلَّيْتُكَ مَا هُوَ أَيْسَرُ عَلَيْكَ مَؤُونَةً مِنْهُ وَأَعْجَبُ إِلَيْكَ وِلَايَةً، إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي كُنْتُ وَلَّيْتُهُ أَمْرَ مِصْرَ كَانَ لَنَا نَصِيحًا، وَعَلَى عَدُوِّنَا شَدِيدًا، وَقَدِ اسْتَكْمَلَ أَيَّامَهُ وَلَاقَى حِمَامَهُ، وَنَحْنُ عَنْهُ رَاضُونَ، فَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَضَاعَفَ لَهُ الثَّوَابَ، اصْبِرْ لِعَدُوِّكَ وَشَمِّرْ لِلْحَرْبِ وَ {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل: ١٢٥] . وَأَكْثِرْ ذِكْرَ اللَّهِ، وَالِاسْتِعَانَةَ بِهِ، وَالْخَوْفَ مِنْهُ، يَكْفِكَ مَا أَهَمَّكَ، وَيُعِنْكَ عَلَى مَا وَلَّاكَ.
وَكَتَبَ إِلَيْهِ مُحَمَّدٌ: أَمَّا بَعْدُ فَقَدِ انْتَهَى إِلَيَّ كِتَابُكَ وَفَهِمْتُهُ، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ أَرْضَى بِرَأْيِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَا أَجْهَدُ عَلَى عَدُوِّهِ، وَلَا أَرْأَفَ بِوَلِيِّهِ مِنِّي، وَقَدْ خَرَجْتُ فَعَسْكَرْتُ وَآمَنْتُ النَّاسَ إِلَّا مَنْ نَصَبَ لَنَا حَرْبًا وَأَظْهَرَ لَنَا خِلَافًا، وَأَنَا مُتَّبِعٌ أَمْرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَحَافِظُهُ. وَالسَّلَامُ.
وَقِيلَ: إِنَّمَا تَوَلَّى الْأَشْتَرُ مِصْرَ بَعْدَ قَتْلِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ.
وَكَانَ أَهْلُ الشَّامِ يَنْتَظِرُونَ بَعْدَ صِفِّينَ أَمْرَ الْحَكَمَيْنِ، فَلَمَّا تَفَرَّقَا بَايَعَ أَهْلُ الشَّامِ مُعَاوِيَةَ بِالْخِلَافَةِ، وَلَمْ يَزْدَدْ إِلَّا قُوَّةً، وَاخْتَلَفَ النَّاسُ بِالْعِرَاقِ عَلَى عَلِيٍّ، فَمَا كَانَ لِمُعَاوِيَةَ هَمٌّ إِلَّا مِصْرَ، وَكَانَ يَهَابُ أَهْلَهَا لِقُرْبِهِمْ مِنْهُ وَشِدَّتِهِمْ عَلَى مَنْ كَانَ عَلَى رَأْيِ عُثْمَانَ، وَكَانَ يَرْجُو أَنَّهُ إِذَا ظَهَرَ عَلَيْهَا ظَهَرَ عَلَى حَرْبِ عَلِيٍّ لِعِظَمِ خَرَاجِهَا، فَدَعَا مُعَاوِيَةُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَحَبِيبَ بْنَ مَسْلَمَةَ، وَبُسْرَ بْنَ أَبِي أَرْطَاةَ، وَالضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ خَالِدٍ، وَأَبَا الْأَعْوَرِ السُّلَمِيَّ، وَشُرَحْبِيلَ بْنَ السِّمْطِ الْكِنْدِيَّ، فَقَالَ لَهُمْ: أَتَدْرُونَ لِمَ جَمَعْتُكُمْ؟ فَإِنِّي جَمَعْتُكُمْ لِأَمْرٍ لِي مُهِمٍّ! فَقَالُوا: لَمْ يُطْلِعِ اللَّهُ عَلَى الْغَيْبِ أَحَدًا، وَمَا نَعْلَمُ مَا تُرِيدُ. فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: دَعَوْتَنَا لِتَسْأَلَنَا عَنْ رَأْيِنَا فِي مِصْرَ، فَإِنْ كُنْتَ جَمَعْتَنَا لِذَلِكَ فَاعْزِمْ وَاصْبِرْ، فَنَعِمَ الرَّأْيُ رَأَيْتَ فِي افْتِتَاحِهَا! فَإِنَّ فِيهِ عَزَّكَ وَعَزَّ أَصْحَابِكَ، وَكَبْتَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute