وَقَتْلِهِ أَوْ نَفْيِهِ. فَسَأَلَ مَعْقِلٌ عَنْهُ، فَأُخْبِرَ بِمَكَانِهِ بِالْأَسْيَافِ وَأَنَّهُ قَدْ رَدَّ قَوْمَهُ عَنْ طَاعَةِ عَلِيٍّ، وَأَفْسَدَ مَنْ عِنْدَهُ (مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ وَسَائِرِ الْعَرَبِ، وَكَانَ) قَوْمُهُ قَدْ مَنَعُوا الصَّدَقَةَ عَامَ صِفِّينَ وَذَلِكَ الْعَامَ. فَسَارَ إِلَيْهِمْ مَعْقِلٌ، فَأَخَذَ عَلَى فَارِسَ، وَانْتَهَى إِلَى أَسْيَافِ الْبَحْرِ.
فَلَمَّا سَمِعَ الْخِرِّيتُ بِمَسِيرِهِ قَالَ لِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْخَوَارِجِ: أَنَا عَلَى رَأْيِكُمْ وَإِنَّ عَلِيًّا، لَمْ يَنْبَغِ لَهُ أَنْ يُحَكِّمَ. وَقَالَ لِلْآخَرِينَ مِنْ أَصْحَابِهِ: إِنَّ عَلِيًّا حَكَّمَ وَرَضِيَ، فَخَلَعَهُ حَكَمُهُ الَّذِي ارْتَضَاهُ، وَهَذَا كَانَ الرَّأْيُ الَّذِي خَرَجَ عَلَيْهِ مِنَ الْكُوفَةِ وَإِلَيْهِ كَانَ يَذْهَبُ. وَقَالَ سِرًّا لِلْعُثْمَانِيَّةِ: أَنَا وَاللَّهِ عَلَى رَأْيِكُمْ، قَدْ وَاللَّهِ قُتِلَ عُثْمَانُ مَظْلُومًا. فَأَرْضَى كُلَّ صِنْفٍ مِنْهُمْ. وَقَالَ لِمَنْ مَنَعَ الصَّدَقَةَ: شُدُّوا أَيْدِيَكُمْ عَلَى صَدَقَاتِكُمْ، وَصِلُوا بِهَا أَرْحَامَكُمْ. (وَكَانَ فِيهَا نَصَارَى كَثِيرٌ قَدْ أَسْلَمُوا، فَلَمَّا اخْتَلَفَ النَّاسُ قَالُوا: وَاللَّهِ لَدِينُنَا الَّذِي خَرَجْنَا مِنْهُ خَيْرٌ مِنْ دِينِ هَؤُلَاءِ، لَا يَنْهَاهُمْ دِينُهُمْ عَنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ. (فَقَالَ لَهُمُ الْخِرِّيتُ: وَيَحَكُمُ! لَا يُنْجِيكُمْ مِنَ الْقَتْلِ إِلَّا قَتْلُ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ) وَالصَّبْرُ، فَإِنَّ حُكْمَهُمْ فِيمَنْ أَسْلَمَ ثُمَّ ارْتَدَّ أَنْ يُقْتَلَ، وَلَا يَقْبَلُونَ مِنْهُ تَوْبَةً وَلَا عُذْرًا. فَخَدَعَهُمْ جَمِيعَهُمْ. وَأَتَاهُ مَنْ كَانَ مِنْ بَنِي نَاجِيَةَ وَغَيْرِهِمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ. فَلَمَّا انْتَهَى مَعْقِلٌ إِلَيْهِ نَصَبَ رَايَةَ أَمَانٍ وَقَالَ: مَنْ أَتَاهُمْ مِنَ النَّاسِ فَهُوَ آمِنٌ، إِلَّا الْخِرِّيتُ وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ حَارَبُونَا أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَتَفَرَّقَ عَنِ الْخِرِّيتِ جُلُّ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ غَيْرِ قَوْمِهِ، وَعَبَّأَ مَعْقِلٌ أَصْحَابَهُ، وَزَحَفَ نَحْوَ الْخِرِّيتِ وَمَعَهُ قَوْمُهُ مُسْلِمُهُمْ وَنَصْرَانِيُّهُمْ وَمَانِعُ الزَّكَاةِ مِنْهُمْ. فَقَالَ الْخِرِّيتُ لِمَنْ مَعَهُ: قَاتِلُوا عَنْ حَرِيمِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ ظَهَرُوا عَلَيْكُمْ لَيَقْتُلُنَّكُمْ وَلَيَسُبُنَّكُمْ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ: هَذَا وَاللَّهِ مَا جَرَّتْهُ عَلَيْنَا يَدُكَ وَلِسَانُكَ. فَقَالَ: سَبَقَ السَّيْفُ الْعَذْلَ.
وَسَارَ مَعْقِلٌ فِي النَّاسِ يُحَرِّضُهُمْ وَيَقُولُ: أَيُّهَا النَّاسُ مَا تُرِيدُونَ أَفْضَلَ مِمَّا سَبَقَ لَكُمْ مِنَ الْأَجْرِ الْعَظِيمِ؟ إِنَّ اللَّهَ سَاقَكُمْ إِلَى قَوْمٍ مَنَعُوا الصَّدَقَةَ، وَارْتَدُّوا عَنِ الْإِسْلَامِ، وَنَكَثُوا الْبَيْعَةَ ظُلْمًا، فَأَشْهَدُ لِمَنْ يُقْتَلُ مِنْكُمْ بِالْجَنَّةِ، وَمَنْ بَقِيَ مِنْكُمْ فَإِنَّ اللَّهَ مُقِرُّ عَيْنِهِ بِالْفَتْحِ. ثُمَّ حَمَلَ مَعْقِلٌ وَجَمِيعُ مَنْ مَعَهُ، فَقَاتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، وَصَبَرُوا لَهُ، ثُمَّ إِنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute