للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ، وَسَارَ إِلَى مَكَّةَ فِي ثَلَاثَةِ آلَافِ فَارِسٍ، وَبِهَا قُثَمُ بْنُ الْعَبَّاسِ عَامِلُ عَلِيٍّ، فَلَمَّا سَمِعَ بِهِ قُثَمُ خَطَبَ أَهْلَ مَكَّةَ، وَأَعْلَمَهُمْ بِمَسِيرِ الشَّامِيِّينَ، وَدَعَاهُمْ إِلَى حَرْبِهِمْ، فَلَمْ يُجِيبُوهُ بِشَيْءٍ، وَأَجَابَهُ شَيْبَةُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَبْدَرِيُّ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فَعَزَمَ قُثَمُ عَلَى مُفَارَقَةِ مَكَّةَ وَاللَّحَاقِ بِبَعْضِ شِعَابِهَا، وَمُكَاتَبَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْخَبَرِ، فَإِنْ أَمَدَّهُ بِالْجُيُوشِ قَاتَلَ الشَّامِيِّينَ، فَنَهَاهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ عَنْ مُفَارَقَةِ مَكَّةَ وَقَالَ لَهُ: أَقِمْ، فَإِنْ رَأَيْتَ مِنْهُمُ الْقِتَالَ وَبِكَ قُوَّةٌ فَاعْمَلْ بِرَأْيِكَ، وَإِلَّا فَالْمَسِيرُ عَنْهَا أَمَامَكَ. فَأَقَامَ وَقَدِمَ الشَّامِيُّونَ وَلَمْ يَعْرِضُوا لِقِتَالِ أَحَدٍ، وَأَرْسَلَ قُثَمُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ يُخْبِرُهُ، فَسَيَّرَ جَيْشًا فِيهِمُ الرَّيَّانُ بْنُ ضَمْرَةَ بْنِ هَوْذَةَ بْنِ عَلِيٍّ الْحَنَفِيُّ، وَأَبُو الطُّفَيْلِ أَوَّلَ ذِي الْحِجَّةِ. وَكَانَ قُدُومُ ابْنِ شَجَرَةَ قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمَيْنِ، فَنَادَى فِي النَّاسِ: أَنْتُمْ آمِنُونَ إِلَّا مَنْ قَاتَلَنَا وَنَازَعَنَا. وَاسْتَدْعَى أَبَا سَعِيدِ الْخُدْرِيَّ وَقَالَ لَهُ: إِنِّي أُرِيدُ الْإِلْحَادَ فِي الْحَرَمِ، وَلَوْ شِئْتُ لَفَعَلْتُ لِمَا فِيهِ أَمِيرُكُمْ مِنَ الضَّعْفِ، فَقُلْ لَهُ يَعْتَزِلِ الصَّلَاةَ بِالنَّاسِ، وَأَعْتَزِلُهَا أَنَا، وَيَخْتَارُ النَّاسُ رَجُلًا يُصَلِّي بِهِمْ. فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ لِقُثَمَ ذَلِكَ، فَاعْتَزَلَ الصَّلَاةَ، وَاخْتَارَ النَّاسُ شَيْبَةَ بْنَ عُثْمَانَ فَصَلَّى بِهِمْ وَحَجَّ بِهِمْ. فَلَمَّا قَضَى النَّاسُ حَجَّهَمْ رَجَعَ يَزِيدُ إِلَى الشَّامِ، وَأَقْبَلَ خَيْلُ عَلِيٍّ فَأُخْبِرُوا بِعَوْدِ أَهْلِ الشَّامِ، فَتَبِعُوهُمْ، وَعَلَيْهِمْ مَعْقِلُ بْنُ قَيْسٍ، فَأَدْرَكُوهُمْ وَقَدْ رَحَلُوا عَنْ وَادِي الْقُرَى، فَظَفِرُوا بِنَفَرٍ مِنْهُمْ، فَأَخَذُوهُمْ أَسَارَى، وَأَخَذُوا مَا مَعَهُمْ وَرَجَعُوا بِهِمْ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَفَادَى بِهِمْ أَسَارَى كَانَتْ لَهُ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ.

(الرَّهَاوِيُّ مَنْسُوبٌ إِلَى الرِّهَاءِ قَبِيلَةٍ مِنَ الْعَرَبِ، وَقَدْ ضَبَطَهُ عَبْدُ الْغَنِيِّ ابْنُ سَعِيدٍ بِفَتْحِ الرَّاءِ: قَبِيلَةٌ مَشْهُورَةٌ، وَأَمَّا الْمَدِينَةُ فَبِضَمِّ الرَّاءِ) .

ذكر غَارَةِ أَهْلِ الشَّامِ عَلَى أَهْلِ الْجَزِيرَةِ

وَفِيهَا سَيَّرَ مُعَاوِيَةُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ قَبَاثِ بْنِ أَشْيَمَ إِلَى بِلَادِ الْجَزِيرَةِ، وَفِيهَا شَبِيبُ بْنُ عَامِرٍ جَدُّ الْكِرْمَانِيِّ الَّذِي كَانَ بِخُرَاسَانَ، وَكَانَ شَبِيبٌ بِنَصِيبِينَ، فَكَتَبَ إِلَى كُمَيْلِ بْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>