للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زِيَادٍ، وَهُوَ بِهِيتَ، يُعْلِمْهُ الْخَبَرَ، فَسَارَ كُمَيْلٌ إِلَيْهِ نَجْدَةً لَهُ فِي سِتِّمِائَةِ فَارِسٍ، فَأَدْرَكُوا عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَمَعَهُ مَعْنُ بْنُ يَزِيدَ السُّلَمِيُّ، فَقَاتَلَهُمَا كُمَيْلٌ وَهَزَمَهُمَا، فَغَلَبَ عَلَى عَسْكَرِهِمَا وَأَكْثَرَ الْقَتْلَ فِي أَهْلِ الشَّامِ، وَأَمَرَ أَنْ لَا يُتْبَعَ مُدْبِرٌ وَلَا يُجْهَزَ عَلَى جَرِيحٍ، وَقُتِلَ مِنْ أَصْحَابِ كُمَيْلٍ رَجُلَانِ، وَكَتَبَ إِلَى عَلِيٍّ بِالْفَتْحِ فَجَزَاهُ خَيْرًا، وَأَجَابَهُ جَوَابًا حَسَنًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَكَانَ سَاخِطًا عَلَيْهِ لِمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.

وَأَقْبَلَ شَبِيبُ بْنُ عَامِرٍ مِنْ نَصِيبِينَ، فَرَأَى كُمَيْلًا قَدْ أَوْقَعَ بِالْقَوْمِ، فَهَنَّأَهُ بِالظَّفَرِ، وَاتَّبَعَ الشَّامِيِّينَ، فَلَمْ يَلْحَقْهُمْ، فَعَبَرَ الْفُرَاتَ، وَبَثَّ خَيْلَهُ فَأَغَارَتْ عَلَى أَهْلِ الشَّامِ حَتَّى بَلَغَ بَعْلَبَكَّ، فَوَجَّهَ مُعَاوِيَةُ إِلَيْهِ حَبِيبَ بْنَ مَسْلَمَةَ فَلَمْ يُدْرِكْهُ، وَرَجَعَ شَبِيبٌ فَأَغَارَ عَلَى نَوَاحِي الرَّقَّةِ فَلَمْ يَدَعْ لِلْعُثْمَانِيَّةِ بِهَا مَاشِيَةً إِلَّا اسْتَاقَهَا، وَلَا خَيْلًا وَلَا سِلَاحًا إِلَّا أَخَذَهُ، وَعَادَ إِلَى نَصِيبِينَ، وَكَتَبَ إِلَى عَلِيٍّ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ يَنْهَاهُ عَنْ أَخْذِ أَمْوَالِ النَّاسِ إِلَّا الْخَيْلَ وَالسِّلَاحَ الَّذِي يُقَاتِلُونَ بِهِ، وَقَالَ: رَحِمَ اللَّهُ شَبِيبًا، لَقَدْ أَبْعَدَ الْغَارَةَ وَعَجَّلَ الِانْتِصَارَ.

ذكر غَارَةِ الْحَارِثِ بْنِ نِمْرٍ التَّنُوخِيِّ

وَلَمَّا قَدِمَ يَزِيدُ بْنُ شَجَرَةَ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَجَّهَ الْحَارِثَ بْنَ نِمْرٍ التَّنُوخِيَّ إِلَى الْجَزِيرَةِ لِيَأْتِيَهُ بِمَنْ كَانَ فِي طَاعَةِ عَلِيٍّ، فَأَخَذَ مِنْ أَهْلِ دَارَا سَبْعَةَ نَفَرٍ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ، وَكَانَ جَمَاعَةٌ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ قَدْ فَارَقُوا عَلِيًّا إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَسَأَلُوهُ فِي إِطْلَاقِ أَصْحَابِهِمْ فَلَمْ يَفْعَلْ، فَاعْتَزَلُوهُ أَيْضًا. وَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى عَلِيٍّ لِيُفَادِيَهُ بِمَنْ أَسَرَ مَعْقِلُ بْنُ قَيْسٍ مِنْ أَصْحَابِ يَزِيدَ بْنِ شَجَرَةَ، فَسَيَّرَهُمْ عَلِيٌّ إِلَى مُعَاوِيَةَ، وَأَطْلَقَ مُعَاوِيَةُ هَؤُلَاءِ، وَبَعَثَ عَلِيٌّ رَجُلًا مِنْ خَثْعَمَ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ إِلَى نَاحِيَةِ الْمَوْصِلِ لِيُسَكِّنَ النَّاسَ، فَلَقِيَهُ أُولَئِكَ التَّغْلِبِيُّونَ الَّذِينَ اعْتَزَلُوا مُعَاوِيَةَ، وَعَلَيْهِمْ قُرَيْعُ بْنُ الْحَارِثِ التَّغْلِبِيُّ، فَتَشَاتَمُوا ثُمَّ اقْتَتَلُوا فَقَتَلُوهُ، فَأَرَادَ عَلِيٌّ أَنْ يُوَجِّهَ إِلَيْهِمْ جَيْشًا، فَكَلَّمَتْهُ رَبِيعَةُ وَقَالُوا: هُمْ مُعْتَزِلُونَ لِعَدُوِّكَ دَاخِلُونَ فِي طَاعَتِكَ، وَإِنَّمَا قَتَلُوهُ خَطَأً. فَأَمْسَكَ عَنْهُمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>