ذِكْرُ أَمْرِ ابْنِ الْعُشْبَةِ
بَعَثَ مُعَاوِيَةُ زُهَيْرَ بْنَ مَكْحُولٍ الْعَامِرِيَّ - مِنْ عَامِرِ الْأَجْدَارِ - إِلَى السَّمَاوَةِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ صَدَقَاتِ النَّاسِ، وَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيًّا فَبَعَثَ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ: جَعْفَرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَشْجَعِيَّ، وَعُرْوَةَ بْنَ الْعُشْبَةِ، وَالْجُلَاسَ بْنَ عُمَيْرٍ الْكَلْبِيَّيْنِ، لِيُصَدِّقُوا مَنْ فِي طَاعَتِهِ مِنْ كَلْبٍ وَبَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، فَوَافَوْا زُهَيْرًا فَاقْتَتَلُوا، فَانْهَزَمَ أَصْحَابُ عَلِيٍّ وَقُتِلَ جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَلَحِقَ ابْنُ الْعُشْبَةِ بِعَلِيٍّ، فَعَنَّفَهُ وَعَلَاهُ بِالدِّرَّةِ، فَغَضِبَ وَلَحِقَ بِمُعَاوِيَةَ، وَكَانَ زُهَيْرٌ قَدْ حَمَلَ ابْنَ الْعُشْبَةِ عَلَى فَرَسٍ، فَلِذَلِكَ اتَّهَمَهُ. وَأَمَّا الْجُلَاسُ فَإِنَّهُ مَرَّ بِرَاعٍ، فَأَخَذَ جُبَّتَهُ، وَأَعْطَاهُ جُبَّةَ خَزٍّ، فَأَدْرَكَتْهُ الْخَيْلُ، فَقَالُوا: أَيْنَ أَخَذَ هَؤُلَاءِ التُّرَابِيُّونَ؟ فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ: أَخَذُوا هَاهُنَا، ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَى الْكُوفَةِ
ذكر أَمْرِ مُسْلِمِ بْنِ عُقْبَةَ بِدُومَةِ الْجَنْدَلِ
وَبَعْثَ مُعَاوِيَةُ مُسْلِمَ بْنَ عُقْبَةَ الْمُرِّيَّ إِلَى دُومَةِ الْجَنْدَلِ، وَكَانَ أَهْلُهَا قَدِ امْتَنَعُوا مِنْ بَيْعَةِ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ جَمِيعًا، فَدَعَاهُمْ إِلَى طَاعَةِ مُعَاوِيَةَ وَبَيْعَتِهِ، فَامْتَنَعُوا، وَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيًّا فَسَيَّرَ مَالِكَ بْنَ كَعْبٍ الْهَمْدَانِيَّ فِي جَمْعٍ إِلَى دُومَةِ الْجَنْدَلِ، فَلَمْ يَشْعُرْ مُسْلِمٌ إِلَّا وَقَدْ وَافَاهُ مَالِكٌ، فَاقْتَتَلُوا يَوْمًا ثُمَّ انْصَرَفَ مُسْلِمٌ مُنْهَزِمًا، وَأَقَامَ مَالِكٌ أَيَّامًا يَدْعُو أَهْلَ دُومَةِ الْجَنْدَلِ إِلَى الْبَيْعَةِ لِعَلِيٍّ فَلَمْ يَفْعَلُوا، وَقَالُوا: لَا نُبَايِعُ حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَى إِمَامٍ، فَانْصَرَفَ وَتَرَكَهُمْ.
وَفِيهَا تَوَجَّهَ الْحَارِثُ بْنُ مُرَّةَ الْعَبْدِيُّ إِلَى بِلَادِ السِّنْدِ (غَازِيًا مُتَطَوِّعًا بِأَمْرِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ، فَغَنِمَ وَأَصَابَ غَنَائِمَ وَسَبْيًا كَثِيرًا، وَقَسَّمَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ أَلْفَ رَأْسٍ وَبَقِيَ غَازِيًا) إِلَى أَنْ قُتِلَ بِأَرْضِ الْقِيقَانِ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ، إِلَّا قَلِيلًا سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ أَيَّامَ مُعَاوِيَةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute