فَنِمْتُ، فَسَنَحَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَاذَا لَقِيتُ مِنْ أُمَّتِكَ مِنَ الْأَوَدِ وَاللَّدَدِ؟ قَالَ: وَالْأَوَدُ الْعِوَجُ، وَاللَّدَدُ الْخُصُومَاتُ فَقَالَ لِي: ادْعُ عَلَيْهِمْ. فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ أَبْدِلْنِي بِهِمْ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُمْ، وَأَبْدِلْهُمْ بِي مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنِّي! فَجَاءَ ابْنُ النَّبَّاحِ فَآذَنَهُ بِالصَّلَاةِ، فَخَرَجَ وَخَرَجَتُ خَلْفَهُ، فَضَرَبَهُ ابْنُ مُلْجَمٍ فَقَتَلَهُ. وَكَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إِذَا رَأَى ابْنَ مُلْجَمٍ قَالَ:
أُرِيدُ حَيَاتَهُ وَيُرِيدُ قَتْلِي ... عَذِيرَكَ مِنْ خَلِيلِكَ مِنْ مُرَادِ
وَكَانَ سَبَبُ قَتْلِهِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُلْجَمٍ الْمُرَادِيَّ، وَالْبُرَكَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيَّ (الصُّرَيْمِيَّ، وَقِيلَ اسْمُ الْبُرَكِ الْحَجَّاجُ) ، وَعَمْرُو بْنُ بَكْرٍ التَّمِيمِيُّ السَّعْدِيُّ - وَهُمْ مِنَ الْخَوَارِجِ - اجْتَمَعُوا فَتَذَاكَرُوا أَمْرَ النَّاسِ، وَعَابُوا عَمَلَ وُلَاتِهِمْ ثُمَّ ذَكَرُوا أَهْلَ النَّهْرِ، فَتَرَحَّمُوا عَلَيْهِمْ، وَقَالُوا: مَا نَصْنَعُ بِالْبَقَاءِ بَعْدَهُمْ؟ فَلَوْ شَرَيْنَا أَنْفُسَنَا، وَقَتَلْنَا أَئِمَّةَ الضَّلَالَةِ، وَأَرَحْنَا مِنْهُمُ الْبِلَادَ! فَقَالَ ابْنُ مُلْجَمٍ: أَنَا أَكْفِيكُمْ عَلِيًّا، (وَكَانَ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ) . وَقَالَ الْبُرَكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَا أَكْفِيكُمْ مُعَاوِيَةَ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ بَكْرٍ: أَنَا أَكْفِيكُمْ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ.
فَتَعَاهَدُوا أَنْ لَا يَنْكُصَ أَحَدُهُمْ عَنْ صَاحِبِهِ الَّذِي تَوَجَّهَ إِلَيْهِ حَتَّى يَقْتُلَهُ أَوْ يَمُوتَ دُونَهُ، وَأَخَذُوا سُيُوفَهُمْ فَسَمُّوهَا، وَاتَّعَدُوا لِسَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ رَمَضَانَ. وَقَصَدَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمُ الْجِهَةَ الَّتِي يُرِيدُ، فَأَتَى ابْنُ مُلْجَمٍ الْكُوفَةَ، فَلَقِيَ أَصْحَابَهُ بِالْكُوفَةِ وَكَتَمَهُمْ أَمْرَهُ، وَرَأَى يَوْمًا أِصْحَابًا لَهُ مِنْ تَيْمِ الرِّبَابِ، وَكَانَ عَلِيٌّ قَدْ قَتَلَ مِنْهُمْ يَوْمَ النَّهْرِ عِدَّةً، فَتَذَاكَرُوا قَتْلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute