أَوَّلُ مَنْ دَخَلَ مَدِينَةَ هَرَاةَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ بَابِ خُشْكٍ، وَاتَّخَذَ قَنَاطِرَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْهَارٍ مَنْ بَلْخَ عَلَى فَرْسَخٍ فَقِيلَ: قَنَاطِرُ عَطَاءٍ.
ثُمَّ إِنَّ أَهْلَ بَلْخَ سَأَلُوا الصُّلْحَ وَمُرَاجَعَةَ الطَّاعَةِ فَصَالَحَهُمْ قَيْسٌ.
وَقِيلَ: إِنَّمَا صَالَحَهُمُ الرَّبِيعُ بْنُ زِيَادٍ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ، وَسَيَرِدُ ذِكْرُهُ. ثُمَّ قَدِمَ قَيْسٌ عَلَى ابْنِ عَامِرٍ فَضَرَبَهُ وَحَبَسَهُ وَاسْتَعْمَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ خَازِمٍ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَهْلُ هَرَاةَ وَبَاذَغِيسَ وَبُوشَنْجَ يَطْلُبُونَ الْأَمَانَ وَالصُّلْحَ، فَصَالَحَهُمْ وَحَمَلَ إِلَى ابْنِ عَامِرٍ مَالًا.
(عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَازِمٍ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ) .
ذِكْرُ خُرُوجِ سَهْمِ بْنِ غَالِبٍ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ خَرَجَ سَهْمُ بْنُ غَالِبٍ الْهُجَيْمِيُّ عَلَى ابْنِ عَامِرٍ فِي سَبْعِينَ رَجُلًا، مِنْهُمُ الْخَطِيمُ الْبَاهِلِيُّ، وَهُوَ يَزِيدُ بْنُ مَالِكٍ، وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُ الْخَطِيمُ لِضَرْبَةٍ ضُرِبَهَا عَلَى وَجْهِهِ، فَنَزَلُوا بَيْنَ الْجِسْرَيْنِ وَالْبَصْرَةِ، فَمَرَّ بِهِمْ عُبَادَةُ بْنُ فُرْصٍ اللَّيْثِيُّ مِنَ الْغَزْوِ وَمَعَهُ ابْنُهُ وَابْنُ أَخِيهِ، فَقَالَ لَهُمُ الْخَوَارِجُ: مَنْ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: قَوْمٌ مُسْلِمُونَ. قَالُوا: كَذَبْتُمْ. قَالَ عُبَادَةُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! اقْبَلُوا مِنَّا مَا قَبِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنِّي، فَإِنِّي كَذَّبْتُهُ وَقَاتَلْتُهُ ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَأَسْلَمْتُ فَقَبِلَ ذَلِكَ مِنِّي. قَالُوا: أَنْتَ كَافِرٌ، وَقَتَلُوهُ وَقَتَلُوا ابْنَهُ وَابْنَ أَخِيهِ. فَخَرَجَ إِلَيْهِمُ ابْنُ عَامِرٍ بِنَفْسِهِ وَقَاتَلَهُمْ فَقَتَلَ مِنْهُمْ عِدَّةً وَانْحَازَ بَقِيَّتُهُمْ إِلَى أَجَمَةٍ وَفِيهِمْ سَهْمٌ وَالْخَطِيمُ، فَعَرَضَ عَلَيْهِمُ ابْنُ عَامِرٍ الْأَمَانَ فَقَبِلُوهُ، فَآمَنُهُمْ، فَرَجَعُوا، فَكَتَبَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ يَأْمُرُ بِقَتْلِهِمْ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَامِرٍ: إِنِّي قَدْ جَعَلْتُ لَهُمْ ذِمَّتَكَ.
فَلَمَّا أَتَى زِيَادٌ الْبَصْرَةَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ هَرَبَ سَهْمٌ وَالْخَطِيمُ فَخَرَجَا إِلَى الْأَهْوَازِ، فَاجْتَمَعَ إِلَى سَهْمٍ جَمَاعَةٌ فَأَقْبَلَ بِهِمْ إِلَى الْبَصْرَةِ، (فَأَخَذَ قَوْمًا) ، فَقَالُوا: نَحْنُ يَهُودٌ، فَخَلَّاهُمْ، وَقَتَلَ سَعْدًا مَوْلَى قُدَامَةَ بْنِ مَظْعُونٍ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى الْبَصْرَةِ تَفَرَّقَ عَنْهُ أَصْحَابُهُ، فَاخْتَفَى سَهْمٌ، وَقِيلَ: إِنَّهُمْ تَفَرَّقُوا عِنْدَ اسْتِخْفَائِهِ، فَطَلَبَ الْأَمَانَ وَظَنَّ أَنَّهُ يَسُوغُ لَهُ عِنْدَ زِيَادٍ مَا سَاغَ عِنْدَ ابْنِ عَامِرٍ، فَلَمْ يُؤَمِّنْهُ زِيَادٌ، وَبَحَثَ عَنْهُ، فَدُلَّ عَلَيْهِ، فَأَخَذَهُ وَقَتَلَهُ وَصَلَبَهُ فِي دَارِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute