للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْهُمْ جَائِزَةً مِائَةَ أَلْفٍ:

وَأَعْطَى الْحُتَاتَ سَبْعِينَ أَلْفًا. فَلَمَّا كَانُوا فِي الطَّرِيقِ ذَكَرَ كُلٌّ مِنْهُمْ جَائِزَتَهُ، فَرَجَعَ الْحُتَاتُ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ: مَا رَدَّكَ؟ قَالَ: فَضَحْتَنِي فِي بَنِي تَمِيمٍ! أَمَا حَسَبِي صَحِيحٌ؟ أَوَلَسْتُ ذَا سِنٍّ؟ أَلَسْتُ مُطَاعًا فِي عَشِيرَتِي؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: فَمَا بَالُكَ خَسَسْتَ بِي دُونَ الْقَوْمِ وَأَعْطَيْتَ مَنْ كَانَ عَلَيْكَ أَكْثَرَ مِمَّنْ كَانَ لَكَ؟ وَكَانَ حَضَرَ الْجَمَلَ مَعَ عَائِشَةَ، وَكَانَ الْأَحْنَفُ وَجَارِيَةُ يُرِيدَانِ عَلِيًّا، وَإِنْ كَانَ الْأَحْنَفُ وَالْجَوْنُ اعْتَزَلَا الْقِتَالَ مَعَ عَلِيٍّ لَكِنَّهُمَا كَانَا يُرِيدَانِهِ، قَالَ: إِنِّي اشْتَرَيْتُ مِنَ الْقَوْمِ دِينَهُمْ وَوَكَلْتُكَ إِلَى دِينِكَ وَرَأْيِكَ فِي عُثْمَانَ، وَكَانَ عُثْمَانِيًّا. فَقَالَ: وَأَنَا فَاشْتَرِ مِنِّي دِينِي. فَأَمَرَ لَهُ بِإِتْمَامِ جَائِزَتِهِ، ثُمَّ مَاتَ الْحُتَاتُ فَحَبَسَهَا مُعَاوِيَةُ، فَقَالَ الْفَرَزْدَقُ فِي ذَلِكَ شِعْرًا:

أَبُوكَ وَعَمِّي يَا مُعَاوِيَةُ أَوْرَثَا ... تُرَاثًا فَيَحْتَازُ التُّرَاثَ أَقَارِبُهْ

فَمَا بَالُ مِيرَاثِ الْحُتَاتِ أَخَذْتَهُ ... وَمِيرَاثُ صَخْرٍ جَامِدٌ لَكَ ذَائِبُهْ

فَلَوْ كَانَ هَذَا الْأَمْرُ فِي جَاهِلِيَّةٍ ... عَلِمْتَ مَنِ الْمَرْءُ الْقَلِيلُ حَلَائِبُهْ

وَلَوْ كَانَ فِي دِينٍ سِوَى ذَا شَنِئْتُمُ ... لَنَا حَقَّنَا أَوْ غُصَّ بِالْمَاءِ شَارِبُهْ

أَلَسْتُ أَعَزَّ النَّاسِ قَوْمًا وَأُسْرَةً ... وَأَمْنَعَهُمْ جَارًا إِذَا ضِيمَ جَانِبُهْ

وَمَا وَلَدَتْ بَعْدَ النَّبِيِّ وَآلِهِ ... كَمِثْلِي حَصَانٌ فِي الرِّجَالِ يُقَارِبُهْ

وَبَيْتِي إِلَى جَنْبِ الثُّرَيَّا فِنَاؤُهُ ... وَمِنْ دُونِهِ الْبَدْرُ الْمُضِيءُ كَوَاكِبُهْ

أَنَا ابْنُ الْجِبَالِ الشُّمِّ فِي عَدَدِ الْحَصَى ... وَعِرْقُ الثَّرَى عِرْقِي فَمَنْ ذَا يُحَاسِبُهْ؟

وَكَمْ مِنْ أَبٍ لِي يَا مُعَاوِيَ لَمْ يَزَلْ ... أَغَرَّ يُبَارِي الرِّيحَ مَا ازْوَرَّ جَانِبُهْ

نَمَتْهُ فُرُوعُ الْمَالِكَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ ... أَبُوكَ الَّذِي مِنْ عَبْدِ شَمْسٍ يُقَارِبُهْ

تَرَاهُ كَنَصْلِ السَّيْفِ يَهْتَزُّ لِلنَّدَى ... كَرِيمًا يُلَاقِي الْمَجْدَ مَا طَرَّ شَارِبُهْ

طَوِيلُ نِجَادِ السَّيْفِ مُذْ كَانَ لَمْ يَكُنْ ... قُصَيٌّ وَعَبْدُ الشَّمْسِ مِمَّنْ يُخَاطِبُهْ

يُرِيدُ بِالْمَالِكَيْنِ مَالِكَ بْنَ حَنْظَلَةَ وَمَالِكَ بْنَ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ تَمِيمٍ، وَهُمَا جَدَّاهُ. لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>