للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْفَرَزْدَقَ بْنَ غَالِبِ بْنِ صَعْصَعَةَ (بْنِ نَاجِيَةَ) بْنِ عِقَالِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ بْنِ مُجَاشِعِ بْنِ دَارِمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حَنْظَلَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ تَمِيمٍ.

فَلَمَّا بَلَغَ مُعَاوِيَةَ شِعْرُهُ رَدَّ عَلَى أَهْلِهِ ثَلَاثِينَ أَلْفًا، فَأَغْضَبَتْ أَيْضًا زِيَادًا عَلَيْهِ، فَلَمَّا اسْتَعْدَتْ عَلَيْهِ نَهْشَلٌ وَفُقَيْمٌ ازْدَادَ غَضَبًا فَهَرَبَ وَأَتَى عِيسَى بْنَ خُصَيْلَةَ السُّلَمِيَّ لَيْلًا وَقَالَ لَهُ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ طَلَبَنِي وَقَدْ لَفِظَنِي النَّاسُ وَقَدْ أَتَيْتُكَ لِتُغَيِّبَنِي عِنْدَكَ. فَقَالَ: مَرْحَبًا بِكَ. فَكَانَ عِنْدَهُ ثَلَاثَ لَيَالٍ:

ثُمَّ قَالَ لَهُ: قَدْ بَدَا لِي أَنْ آتِيَ الشَّامَ، فَسَيَّرَهُ. وَبَلَغَ زِيَادًا مَسِيرُهُ فَأَرْسَلَ فِي أَثَرِهِ، فَلَمْ يُدْرَكْ، وَأَتَى الرَّوْحَاءَ فَنَزَلَ فِي بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ فَأَمِنَ وَمَدَحَهُمْ بِقَصَائِدَ.

ثُمَّ كَانَ زِيَادٌ إِذَا نَزَلَ الْبَصْرَةَ نَزَلَ الْفَرَزْدَقُ الْكُوفَةَ، وَإِذَا نَزَلَ الْكُوفَةَ نَزَلَ الْفَرَزْدَقُ الْبَصْرَةَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ زِيَادًا فَكَتَبَ إِلَى عَامِلِهِ عَلَى الْكُوفَةِ، وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدٍ، يَأْمُرُهُ بِطَلَبِ الْفَرَزْدَقِ، فَفَارَقَ الْكُوفَةَ نَحْوَ الْحِجَازِ، فَاسْتَجَارَ بِسَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ فَأَجَارَهُ فَمَدَحَهُ الْفَرَزْدَقُ، وَلَمْ يَزَلْ بِالْمَدِينَةِ مَرَّةً وَبِمَكَّةَ مَرَّةً حَتَّى هَلَكَ زِيَادٌ.

وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْفَرَزْدَقَ إِنَّمَا قَالَ هَذَا الشِّعْرَ لِأَنَّ الْحُتَاتَ لَمَّا أَسْلَمَ آخَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُعَاوِيَةَ، فَلَمَّا مَاتَ الْحُتَاتُ بِالشَّامِ وَرِثَهُ مُعَاوِيَةُ بِتِلْكَ الْأُخُوَّةِ فَقَالَ الْفَرَزْدَقُ هَذَا الشِّعْرَ، وَهَذَا الْقَوْلُ لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ مُعَاوِيَةَ لَمْ يَكُنْ يَجْهَلُ أَنَّ الْأُخُوَّةَ لَا يَرِثُ بِهَا أَحَدٌ.

(الْحُتَاتُ بِضَمِّ الْحَاءِ وَبِتَائَيْنِ مُثَنَّاتَيْنِ مِنْ فَوْقِهِمَا، بَيْنَهُمَا أَلْفٌ) .

ذِكْرُ وَفَاةِ الْحَكَمِ بْنِ عَمْرٍو الْغِفَارِيِّ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ تُوُفِّيَ الْحَكَمُ بْنُ عَمْرٍو بِمَرْوَ بَعْدَ انْصِرَافِهِ مِنْ غَزْوَةِ جَبَلِ الْأَشَلِّ فِي قَوْلٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ وَفَاتِهِ فِي قَوْلٍ آخَرَ، وَكَانَ زِيَادٌ قَدْ كَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مُعَاوِيَةَ أَمَرَنِي أَنْ أَصْطَفِيَ لَهُ الصَّفْرَاءَ وَالْبَيْضَاءَ فَلَا تَقْسِمْ بَيْنَ النَّاسِ ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً. فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْحَكَمُ:

بَلَغَنِي مَا أَمَرَ بِهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنِّي وَجَدْتُ كِتَابَ اللَّهِ قَبْلَ كِتَابِهِ، وَإِنَّهُ وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا عَلَى عَبْدٍ ثُمَّ اتَّقَى اللَّهَ لَجَعَلَ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>