للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَخَرَجَتْ أُخْتُهُ النَّوَارُ فَحَرَّضَتْ طَيِّئًا، فَثَارُوا بِالشُّرَطِ وَخَلَّصُوهُ:

فَرَجَعُوا إِلَى زِيَادٍ فَأَخْبَرُوهُ، فَأَخَذَ عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ: ائْتِنِي بِعَبْدِ اللَّهِ! قَالَ: وَمَا حَالُهُ؟ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: لَا عِلْمَ لِي بِهَذَا! قَالَ: لَتَأْتِيَنِّي بِهِ:

قَالَ: لَا آتِيكَ بِهِ أَبَدًا، آتِيكَ بِابْنِ عَمِّي تَقْتُلُهُ! وَاللَّهِ لَوْ كَانَ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَا رَفَعْتُهُمَا عَنْهُ! فَأَمَرَ بِهِ إِلَى السِّجْنِ، فَلَمْ يَبْقَ بِالْكُوفَةِ يَمَنِيٌّ وَلَا رِبْعِيٌّ إِلَّا كَلَّمَ زِيَادًا وَقَالُوا: تَفْعَلُ هَذَا بِعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فَقَالَ: فَإِنِّي أُخْرِجُهُ عَلَى شَرْطِ أَنْ يُخْرِجَ ابْنَ عَمِّهِ عَنِّي فَلَا يَدْخُلُ الْكُوفَةَ مَا دَامَ لِي سُلْطَانٌ:

فَأَجَابُوهُ إِلَى ذَلِكَ، وَأَرْسَلَ عَدِيٌّ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ يُعَرِّفُهُ مَا كَانَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَلْحَقَ بِجَبَلَيْ طَيِّئٍ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا، وَكَانَ يَكْتُبُ إِلَى عَدِيٍّ لِيَشْفَعَ فِيهِ لِيَعُودَ إِلَى الْكُوفَةِ، وَعَدِيٌّ يُمَنِّيهِ، فَمِمَّا كَتَبَ إِلَيْهِ يُعَاتِبُهُ وَيَرْثِي حُجْرًا وَأَصْحَابَهُ قَوْلُهُ:

تَذَكَّرْتُ لَيْلَى وَالشَّبِيبَةَ أَعْصُرَا ... وَذِكْرُ الصِّبَا بَرْحٌ عَلَى مَنْ تَذَكَّرَا

وَوَلَّى الشَّبَابُ فَافْتَقَدْتُ غُصُونَهُ ... فَيَا لَكَ مِنْ وَجْدٍ بِهِ حِينَ أَدْبَرَا

فَدَعْ عَنْكَ تَذْكَارَ الشَّبَابِ وَفَقْدَهُ ... وَأَسْبَابَهُ إِذْ بَانَ عَنْكَ فَأَجْمَرَا

وَبَكِّ عَلَى الْخُلَّانِ لَمَّا تُخُرِّمُوا ... وَلَمْ يَجِدُوا عَنْ مَنْهَلِ الْمَوْتِ مَصْدَرَا

دَعَتْهُمْ مَنَايَاهُمْ وَمَنْ حَانَ يَوْمُهُ ... مِنَ النَّاسِ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَنْ يُؤَخَّرَا

أُولَئِكَ كَانُوا شِيعَةً لِي وَمَوْئِلًا ... إِذَا الْيَوْمُ أُلْفِي ذَا احْتِدَامٍ مُذَكَّرَا

وَمَا كُنْتُ أَهْوَى بَعْدَهُمْ مُتَعَلِّلَا ... بِشَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا وَلَا أَنْ أُعَمَّرَا

أَقُولُ وَلَا وَاللَّهِ أَنْسَى ادِّكَارَهُمْ ... سَجِيسَ اللَّيَالِي أَوْ أَمُوتَ فَأُقْبَرَا

عَلَى أَهْلِ عَذْرَاءَ السَّلَامُ مُضَاعَفًا ... مِنَ اللَّهِ وَلْيَسْقِ الْغَمَامَ الْكَنَهْوَرَا

وَلَاقَى بِهَا حُجْرٌ مِنَ اللَّهِ رَحْمَةً ... فَقَدْ كَانَ أَرْضَى اللَّهَ حُجْرٌ وَأَعْذَرَا

وَلَا زَالَ تَهْطَالٌ مُلِثٌّ وَدِيمَةٌ ... عَلَى قَبْرِ حُجْرٍ أَوْ يُنَادَى فَيُحْشَرَا

فَيَا حُجْرُ مَنْ لِلْخَيْلِ تُدْمَى نُحُورُهَا ... وَلِلْمَلِكِ الْمُغْزِي إِذَا مَا تَغَشْمَرَا

<<  <  ج: ص:  >  >>