للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا يَبْعَدَنْ قَوْمِي وَإِنْ كُنْتُ عَاتِبًا ... وَكُنْتُ الْمُضَاعَ فِيهِمُ وَالْمُكَفَّرَا

وَلَا خَيْرَ فِي الدُّنْيَا وَلَا الْعَيْشِ بَعْدَهُمْ ... وَإِنْ كُنْتُ عَنْهُمْ نَائِيَ الدَّارِ مُحْصَرَا

وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فَعَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ مَعَ عَدِيٍّ فِي وَقْعَةِ صِفِّينَ، فَلِهَذَا لَمْ نَذْكُرْهُ هَاهُنَا.

فَمَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بِالْجَبَلَيْنِ قَبْلَ مَوْتِ زِيَادٍ، ثُمَّ أُتِيَ زِيَادٌ بِكَرِيمِ بْنِ عَفِيفٍ الْخَثْعَمِيِّ مِنْ أَصْحَابِ حُجْرِ بْنِ عَدِيٍّ، فَقَالَ: مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: كَرِيمُ بْنُ عَفِيفٍ:

قَالَ: مَا أَحْسَنَ اسْمَكَ وَاسْمَ أَبِيكَ وَأَسْوَأَ عَمَلَكَ وَرَأْيَكَ! فَقَالَ لَهُ: أَمَا وَاللَّهِ إِنَّ عَهْدَكَ بِرَأْيِي مُنْذُ قَرِيبٍ.

قَالَ: وَجَمَعَ زِيَادٌ مِنْ أَصْحَابِ عَدِيٍّ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا فِي السِّجْنِ ثُمَّ دَعَا رُؤَسَاءَ الْأَرْبَاعِ يَوْمَئِذٍ، وَهُمْ: عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ عَلَى رَبْعِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَخَالِدُ بْنُ عُرْفُطَةَ عَلَى رَبْعِ تَمِيمٍ وَهَمْدَانَ، وَقَيْسُ بْنُ الْوَلِيدِ عَلَى رَبْعِ رَبِيعَةَ وَكِنْدَةَ، وَأَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى عَلَى رَبْعِ مَذْحِجٍ وَأَسَدٍ، فَشَهِدَ هَؤُلَاءِ أَنَّ حُجْرًا جَمَعَ إِلَيْهِ الْجُمُوعَ وَأَظْهَرَ شَتْمَ الْخَلِيفَةِ وَدَعَا إِلَى حَرْبِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَزَعَمَ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا يَصْلُحُ إِلَّا فِي آلِ أَبِي طَالِبٍ، وَوَثَبَ بِالْمِصْرِ، وَأَخْرَجَ عَامِلَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَظْهَرَ عُذْرَ أَبِي تُرَابٍ وَالتَّرَحُّمَ عَلَيْهِ وَالْبَرَاءَةَ مِنْ عَدُوِّهِ وَأَهْلِ حَرْبِهِ، وَأَنَّ هَؤُلَاءِ النَّفَرَ الَّذِينَ مَعَهُ هُمْ رُءُوسُ أَصْحَابِهِ عَلَى مِثْلِ رَأْيِهِ وَأَمْرِهِ.

وَنَظَرَ زِيَادٌ فِي شَهَادَةِ الشُّهُودِ وَقَالَ: إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ يَكُونُوا أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةٍ، فَدَعَا النَّاسَ لِيَشْهَدُوا عَلَيْهِ، فَشَهِدَ إِسْحَاقُ وَمُوسَى ابْنَا طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَالْمُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَعُمَارَةُ بْنُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، وَعَمْرُو بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَغَيْرُهُمْ، وَكُتِبَ فِي الشُّهُودِ شُرَيْحُ بْنُ الْحَارِثِ الْقَاضِي وَشُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ، فَأَمَّا شُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ فَكَانَ يَقُولُ: مَا شَهِدْتُ وَقَدْ لُمْتُهُ.

ثُمَّ دَفَعَ زِيَادٌ حُجْرَ بْنَ عَدِيٍّ وَأَصْحَابَهُ إِلَى وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ الْحَضْرَمِيِّ وَكَثِيرِ بْنِ شِهَابٍ، وَأَمَرَهُمَا أَنْ يَسِيرَا بِهِمْ إِلَى الشَّامِ، فَخَرَجُوا عَشِيَّةً، فَلَمَّا بَلَغُوا الْغَرِيَّيْنِ لَحِقَهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>