فَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ، فَمَاتَ، فَاسْتَقْضَى أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ.
وَكَانَ عَلَى دِيوَانِ الْخَاتَمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مِحْصَنٍ الْحِمْيَرِيُّ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنِ اتَّخَذَ دِيوَانَ الْخَاتَمِ، وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ أَمَرَ لِعَمْرِو بْنِ الزُّبَيْرِ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَكَتَبَ لَهُ بِذَلِكَ إِلَى زِيَادٍ، فَفَتَحَ عَمْرٌو الْكِتَابَ وَصَيَّرَ الْمِائَةَ مِائَتَيْنِ، فَلَمَّا رَفَعَ زِيَادٌ حِسَابَهُ أَنْكَرَهَا مُعَاوِيَةُ وَطَلَبَهَا مِنْ عَمْرٍو وَحَبَسَهُ، فَقَضَاهَا عَنْهُ أَخُوهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، فَأَحْدَثَ عَنْهُ ذَلِكَ مُعَاوِيَةُ دِيوَانَ الْخَاتَمِ وَحَزَمَ الْكُتُبَ، وَلَمْ تَكُنْ تُحْزَمُ.
قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: يَذْكُرُونَ كِسْرَى وَقَيْصَرَ وَدَهَاءَهُمَا وَعِنْدَكُمْ مُعَاوِيَةُ!
قِيلَ: وَقَدِمَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ مِنْ مِصْرَ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَمَعَهُ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ، فَقَالَ لَهُمْ عَمْرٌو: لَا تُسَلِّمُوا عَلَى مُعَاوِيَةَ بِالْخِلَافَةِ فَإِنَّهُ أَهْيَبُ لَكُمْ فِي قَلْبِهِ وَصَغِّرُوا مَا اسْتَطَعْتُمْ.
فَلَمَّا قَدِمُوا قَالَ مُعَاوِيَةُ لِحُجَّابِهِ: كَأَنِّي بِابْنِ النَّابِغَةِ وَقَدْ صَغَّرَ أَمْرِي عِنْدَ الْقَوْمِ، فَانْظُرُوا إِذَا دَخَلَ الْقَوْمُ فَتَعْتِعُوهُمْ أَشَدَّ مَا يَحْضُرُكُمْ.
فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ ابْنُ الْخَيَّاطِ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَتَتَابَعَ الْقَوْمُ عَلَى ذَلِكَ، فَلَمَّا خَرَجُوا قَالَ لَهُمْ عَمْرٌو: لَعَنَكُمُ اللَّهُ! نَهَيْتُكُمْ أَنْ تُسَلِّمُوا عَلَيْهِ بِالْإِمَارَةِ فَسَلَّمْتُمْ عَلَيْهِ بِالنُّبُوَّةِ!
قِيلَ: وَدَخَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَمَعَهُ وَلَدٌ لَهُ فَأَكْثَرَ مِنَ الْأَكْلِ، فَلَحَظَهُ مُعَاوِيَةُ، وَفَطِنَ عُبَيْدُ اللَّهِ وَأَرَادَ أَنْ يَغْمِزَ ابْنَهُ فَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ حَتَّى فَرَغَ مِنَ الْأَكْلِ، ثُمَّ عَادَ عُبَيْدُ اللَّهِ وَلَيْسَ مَعَهُ ابْنُهُ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: مَا فَعَلَ ابْنُكَ التِّلْقَامَةُ؟ قَالَ: اشْتَكَى.
قَالَ: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ أَكْلَهُ سَيُوَرِّثُهُ دَاءً.
قَالَ جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءٍ: قَدِمَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ عَلَى مُعَاوِيَةَ فِي بُرْنُسٍ أَسْوَدَ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِينَ اللَّهِ! قَالَ: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ.
فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ مُعَاوِيَةُ: قَدِمَ الشَّيْخُ لِأُوَلِّيَهُ، وَاللَّهِ لَا أُوَلِّيهِ!
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute