أَحْلَلْتَ بِنَفْسِكَ وَحَلَّ لَنَا قَتْلُكَ ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَأُلْقِي فِي بَيْتٍ وَأُغْلِقُ عَلَيْهِ.
فَقَامَ إِلَيْهِ أَسْمَاءُ بْنُ خَارِجَةَ فَقَالَ: أَرْسِلْهُ يَا غَادِرُ! أَمَرَتْنَا أَنْ نَجِيئَكَ بِالرَّجُلِ فَلَمَّا أَتَيْنَاكَ بِهِ هَشَّمْتَ وَجْهَهُ وَسَيَّلَتْ دِمَاءَهُ وَزَعَمْتَ أَنَّكَ تَقْتُلُهُ.
فَأَمَرَ بِهِ عُبَيْدُ اللَّهِ فَلُهِزَ وَتُعْتِعَ ثُمَّ تُرِكَ فَجَلَسَ.
فَأَمَّا ابْنُ الْأَشْعَثِ فَقَالَ: رَضِينَا بِمَا رَأَى الْأَمِيرُ، لَنَا كَانَ أَوْ عَلَيْنَا.
وَبَلَغَ عَمْرَو بْنَ الْحَجَّاجِ أَنَّ هَانِئًا قَدْ قُتِلَ فَأَقْبَلَ فِي مَذْحِجٍ حَتَّى أَحَاطُوا بِالْقَصْرِ، وَنَادَى: أَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَجَّاجِ، هَذِهِ فُرْسَانُ مَذْحِجٍ وَوُجُوهُهَا، لَمْ نَخْلَعْ طَاعَةً وَلَمْ نُفَارِقْ جَمَاعَةً. فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ لِشُرَيْحٍ الْقَاضِي، وَكَانَ حَاضِرًا:
ادْخُلْ عَلَى صَاحِبِهِمْ فَانْظُرْ إِلَيْهِ ثُمَّ اخْرُجْ إِلَيْهِمْ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّهُ حَيٌّ. فَفَعَلَ شُرَيْحٌ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ لَهُ هَانِئٌ: يَا لِلْمُسْلِمِينَ! أَهَلَكَتْ عَشِيرَتِي؟ أَيْنَ أَهْلُ الدِّينِ؟ أَيْنَ أَهْلُ النَّصْرِ؟ أَيُخَلُّونَنِي وَعَدُوَّهُمْ وَابْنَ عَدُوِّهِمْ! وَسَمِعَ الضَّجَّةَ فَقَالَ: يَا شُرَيْحُ إِنِّي لَأَظُنُّهَا أَصْوَاتَ مَذْحِجٍ وَشِيعَتِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ، إِنَّهُ إِنْ دَخَلَ عَلَيَّ عَشَرَةُ نَفَرٍ أَنْقَذُونِي. فَخَرَجَ شُرَيْحٌ وَمَعَهُ عَيْنٌ أَرْسَلَهُ ابْنُ زِيَادٍ، قَالَ شُرَيْحٌ: لَوْلَا مَكَانُ الْعَيْنِ لَأَبْلَغْتُهُمْ قَوْلَ هَانِئٍ.
فَلَمَّا خَرَجَ شُرَيْحٌ إِلَيْهِمْ قَالَ: قَدْ نَظَرْتُ إِلَى صَاحِبِكُمْ وَإِنَّهُ حَيٌّ لَمْ يُقْتَلْ.
فَقَالَ عَمْرٌو وَأَصْحَابُهُ:
فَأَمَّا إِذْ لَمْ يُقْتَلُ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ! ثُمَّ انْصَرَفُوا.
وَأَتَى الْخَبَرُ مُسْلِمَ بْنَ عَقِيلٍ فَنَادَى فِي أَصْحَابِهِ: يَا مَنْصُورُ أَمِتْ! وَكَانَ شِعَارُهُمْ، وَكَانَ قَدْ بَايَعَهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفًا وَحَوْلَهُ فِي الدُّورِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ نَاسٌ كَثِيرٌ، فَعَقَدَ مُسْلِمٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُزَيْزٍ الْكِنْدِيِّ عَلَى رُبْعِ كِنْدَةَ وَقَالَ: سِرْ أَمَامِي، وَعَقَدَ لِمُسْلِمِ بْنِ عَوْسَجَةَ الْأَسَدِيِّ عَلَى رُبْعِ مَذْحِجٍ وَأَسَدٍ، وَعَقَدَ لِأَبِي ثُمَامَةَ الصَّائِدِيِّ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute