صَاحِبَ شُرْطَتِهِ فَنَزَلَ الْقَادِسِيَّةَ وَنَظَّمَ الْخَيْلَ مَا بَيْنَ الْقَادِسِيَّةِ إِلَى خَفَّانِ، وَمَا بَيْنَ الْقَادِسِيَّةِ إِلَى الْقُطْقُطَانَةِ وَإِلَى جَبَلِ لَعْلَعَ. فَلَمَّا بَلَغَ الْحُسَيْنُ الْحَاجِزَ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ مَعَ قَيْسِ بْنِ مُسْهِرٍ الصَّيْدَاوِيِّ يُعَرِّفُهُمْ قُدُومَهُ وَيَأْمُرُهُمْ بِالْجِدِّ فِي أَمْرِهِمْ، فَلَمَّا انْتَهَى قَيْسٌ إِلَى الْقَادِسِيَّةِ أَخَذَهُ الْحُصَيْنُ فَبَعَثَ بِهِ إِلَى ابْنِ زِيَادٍ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ زِيَادٍ: اصْعَدِ الْقَصْرَ فَسُبَّ الْكَذَّابَ ابْنَ الْكَذَّابِ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ.
فَصَعِدَ قَيْسٌ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ هَذَا الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ خَيْرُ خَلْقِ اللَّهِ، ابْنُ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَا رَسُولُهُ إِلَيْكُمْ وَقَدْ فَارَقْتُهُ بِالْحَاجِرِ فَأَجِيبُوهُ، ثُمَّ لَعَنَ ابْنَ زِيَادٍ وَأَبَاهُ وَاسْتَغْفَرَ لَعَلِيٍّ.
فَأَمَرَ بِهِ ابْنُ زِيَادٍ فَرُمِيَ مِنْ أَعْلَى الْقَصْرِ فَتَقَطَّعَ فَمَاتَ.
ثُمَّ أَقْبَلَ الْحُسَيْنُ يَسِيرُ نَحْوَ الْكُوفَةِ فَانْتَهَى إِلَى مَاءٍ مِنْ مِيَاهِ الْعَرَبِ، فَإِذَا عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ، فَلَمَّا رَآهُ قَامَ إِلَيْهِ فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ! مَا أَقْدَمَكَ؟ فَاحْتَمَلَهُ فَأَنْزَلَهُ، فَأَخْبَرَهُ الْحُسَيْنُ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: أُذَكِّرُكَ اللَّهَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَحُرْمَةَ الْإِسْلَامِ أَنْ تُنْتَهَكَ، أَنْشُدُكَ اللَّهَ فِي حُرْمَةِ قُرَيْشٍ، أَنْشُدُكَ اللَّهَ فِي حُرْمَةِ الْعَرَبِ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ طَلَبْتَ مَا فِي أَيْدِي بَنِي أُمَيَّةَ لَيَقْتُلُنَّكَ، وَلَئِنْ قَتَلُوكَ لَا يَهَابُونَ بَعْدَكَ أَحَدًا أَبَدًا، وَاللَّهِ إِنَّهَا لَحُرْمَةُ الْإِسْلَامِ [تُنْتَهَكُ] وَحُرْمَةُ قُرَيْشٍ وَحُرْمَةُ الْعَرَبِ، فَلَا تَفْعَلْ وَلَا تَأْتِ الْكُوفَةَ وَلَا تُعَرِّضْ نَفْسَكَ لِبَنِي أُمَيَّةَ! فَأَبَى إِلَّا أَنْ يَمْضِيَ.
وَكَانَ زُهَيْرُ بْنُ الْقَيْنِ الْبَجَلِيُّ قَدْ حَجَّ، وَكَانَ عُثْمَانِيًّا، فَلَمَّا عَادَ جَمَعَهُمَا الطَّرِيقُ، وَكَانَ يُسَايِرُ الْحُسَيْنَ مِنْ مَكَّةَ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَنْزِلُ مَعَهُ، فَاسْتَدْعَاهُ يَوْمًا الْحُسَيْنُ فَشُقَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ ثُمَّ أَجَابَهُ عَلَى كُرْهٍ، فَلَمَّا عَادَ مِنْ عِنْدِهِ نَقَلَ ثَقَلَهُ إِلَى ثَقَلِ الْحُسَيْنِ ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَتْبَعَنِي وَإِلَّا فَإِنَّهُ آخِرُ الْعَهْدِ، وَسَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا، غَزَوْنَا بَلَنْجَرَ فَفُتِحَ عَلَيْنَا وَأَصَبْنَا غَنَائِمَ فَفَرِحْنَا وَكَانَ مَعَنَا سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ فَقَالَ لَنَا: إِذَا أَدْرَكْتُمْ سَيِّدَ شَبَابِ أَهْلِ مُحَمَّدٍ فَكُونُوا أَشَدَّ فَرَحًا بِقِتَالِكُمْ مَعَهُ بِمَا أَصَبْتُمُ الْيَوْمَ مِنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute