للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْغَنَائِمِ، فَأَمَّا أَنَا فَأَسْتَوْدِعُكُمُ اللَّهَ! ثُمَّ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَقَالَ لَهَا: الْحَقِي بِأَهْلِكِ فَإِنِّي لَا أُحِبُّ أَنْ يُصِيبَكِ فِي سَبَبِي إِلَّا خَيْرٌ.

وَلَزِمَ الْحُسَيْنَ حَتَّى قُتِلَ مَعَهُ.

وَأَتَاهُ خَبَرُ قَتْلِ مُسْلِمِ بْنِ عَقِيلٍ بِالثَّعْلَبِيَّةِ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: نَنْشُدُكَ إِلَّا رَجَعْتَ مِنْ مَكَانِكَ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكَ بِالْكُوفَةِ نَاصِرٌ وَلَا شِيعَةٌ بَلْ نَتَخَوَّفُ عَلَيْكَ أَنْ يَكُونُوا عَلَيْكَ! فَوَثَبَ بَنُو عَقِيلٍ وَقَالُوا: وَاللَّهِ لَا نَبْرَحُ حَتَّى نُدْرِكَ ثَأْرَنَا أَوْ نَذُوقَ كَمَا ذَاقَ مُسْلِمٌ! فَقَالَ الْحُسَيْنُ: لَا خَيْرَ فِي الْعَيْشِ بَعْدَ هَؤُلَاءِ:

فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: إِنَّكَ وَاللَّهِ مَا أَنْتَ مِثْلَ مُسْلِمِ بْنِ عَقِيلٍ، وَلَوْ قَدِمْتَ الْكُوفَةَ لَكَانَ النَّاسُ إِلَيْكَ أَسْرَعَ.

ثُمَّ ارْتَحَلُوا فَانْتَهَوْا إِلَى زُبَالَةَ، وَكَانَ لَا يَمُرُّ بِمَاءٍ إِلَّا اتَّبَعَهُ مَنْ عَلَيْهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى زُبَالَةَ، فَأَتَاهُ خَبَرُ مَقْتَلِ أَخِيهِ مِنَ الرَّضَاعَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُقْطُرَ، وَكَانَ سَرَّحَهُ إِلَى مُسْلِمِ بْنِ عَقِيلٍ مِنَ الطَّرِيقِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِقَتْلِهِ، فَأَخَذَتْهُ خَيْلُ الْحُصَيْنِ، فَسَيَّرَهُ مِنَ الْقَادِسِيَّةِ إِلَى ابْنِ زِيَادٍ، فَقَالَ لَهُ: اصْعَدْ فَوْقَ الْقَصْرِ وَالْعَنِ الْكَذَّابَ ابْنَ الْكَذَّابِ ثُمَّ انْزِلْ حَتَّى أَرَى فِيكَ رَأْيِي.

فَصَعِدَ فَأَعْلَمَ النَّاسَ بِقُدُومِ الْحُسَيْنِ وَلَعَنَ ابْنَ زِيَادٍ وَأَبَاهُ، فَأَلْقَاهُ مِنَ الْقَصْرِ فَتَكَسَّرَتْ عِظَامُهُ وَبَقِيَ بِهِ رَمَقٌ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ اللَّخْمِيُّ فَذَبَحَهُ فَلَمَّا عِيبَ ذَلِكَ عَلَيْهِ قَالَ: إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أُرِيحَهُ.

قَالَ بَعْضُهُمْ: لَمْ يَكُنِ الَّذِي ذَبَحَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ وَلَكِنَّهُ رَجُلٌ يُشْبِهُ عَبْدَ الْمَلِكِ.

فَلَمَّا أَتَى الْحُسَيْنَ خَبَرُ قَتْلِ أَخِيهِ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَمُسْلِمِ بْنِ عَقِيلٍ أَعْلَمَ النَّاسَ ذَلِكَ وَقَالَ: قَدْ خَذَلَنَا شِيعَتُنَا، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْصَرِفَ فَلْيَنْصَرِفْ لَيْسَ عَلَيْهِ مِنَّا ذِمَامٌ.

فَتَفَرَّقُوا يَمِينًا وَشِمَالًا حَتَّى بَقِيَ فِي أَصْحَابِهِ الَّذِينَ جَاءُوا مَعَهُ مِنْ مَكَّةَ، وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ الْأَعْرَابَ ظَنُّوا أَنَّهُ يَأْتِي بَلَدًا قَدِ اسْتَقَامَتْ لَهُ طَاعَةُ أَهْلِهِ فَأَرَادَ أَنْ يَعْلَمُوا عَلَامَ يَقَدَمُونَ.

ثُمَّ سَارَ حَتَّى نَزَلَ بَطْنَ الْعَقَبَةِ، فَلَقِيَهُ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ فَقَالَ لَهُ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ لَمَا انْصَرَفْتَ فَوَاللَّهِ مَا تَقَدَمُ إِلَّا عَلَى الْأَسِنَّةِ وَحَدِّ السُّيُوفِ، إِنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ بَعَثُوا إِلَيْكَ لَوْ كَانُوا كَفَوْكَ مَئُونَةَ الْقِتَالِ وَوَطَّئُوا لَكَ الْأَشْيَاءَ فَقَدِمْتَ عَلَيْهِمْ لَكَانَ ذَلِكَ رَأَيًا، فَأَمَّا عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>