للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَخَرَجَ ابْنُ مُطِيعٍ فَقَامَ فِي النَّاسِ وَوَبَّخَهُمْ عَلَى هَزِيمَتِهِمْ وَأَمَرَهُمْ بِالْخُرُوجِ إِلَى الْمُخْتَارِ وَأَصْحَابِهِ.

وَلَمَّا رَأَى الْمُخْتَارُ أَنَّهُ قَدْ مَنَعَهُ يَزِيدُ بْنُ الْحَارِثِ مِنْ دُخُولِ الْكُوفَةِ عَدَلَ إِلَى بُيُوتٍ مُزَيْنَةَ وَأَحْمَسَ وَبَارِقَ، وَبُيُوتُهُمْ مُنْفَرِدَةٌ، فَسَقَوْا أَصْحَابَهُ الْمَاءَ وَلَمْ يَشْرَبْ هُوَ، فَإِنَّهُ كَانَ صَائِمًا، فَقَالَ أَحْمَرُ بْنُ شُمَيْطٍ لِابْنِ كَامِلٍ: أَتُرَاهُ صَائِمًا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: لَوْ أَفْطَرَ كَانَ أَقْوَى لَهُ. قَالَ: إِنَّهُ مَعْصُومٌ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَصْنَعُ. فَقَالَ أَحْمَرُ: صَدَقْتَ، أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ.

فَقَالَ الْمُخْتَارُ: نِعْمَ الْمَكَانُ لِلْقِتَالِ هَذَا. فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: إِنَّ الْقَوْمَ قَدْ هَزَمَهُمُ اللَّهُ وَأَدْخَلَ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِهِمْ، سِرْ بِنَا، فَوَاللَّهِ مَا دُونَ الْقَصْرِ مَانِعٌ. فَتَرَكَ الْمُخْتَارُ هُنَاكَ كُلَّ شَيْخٍ ضَعِيفٍ ذِي عِلَّةٍ (وَنَقَلَهُمْ) وَاسْتَخْلَفَ عَلَيْهِمْ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ، وَقَدِمَ إِبْرَاهِيمُ أَمَامَهُ، وَبَعَثَ ابْنُ مُطِيعٍ عَمْرَو بْنَ الْحَجَّاجِ (فِي أَلْفَيْنِ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ، فَأَرْسَلَ الْمُخْتَارُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ أَنِ اطْوِهِ وَلَا تَقُمْ عَلَيْهِ، فَطَوَاهُ وَأَقَامَ، وَأَمَرَ الْمُخْتَارُ يَزِيدَ بْنَ أَنَسٍ أَنْ يُوَاقِفَ عَمْرَو بْنَ الْحَجَّاجِ) ، فَمَضَى إِلَيْهِ، وَسَارَ الْمُخْتَارُ فِي أَثَرِ إِبْرَاهِيمَ، ثُمَّ وَقَفَ فِي مَوْضِعِ مُصَلَّى خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَمَضَى إِبْرَاهِيمُ لِيَدْخُلَ الْكُوفَةَ مِنْ نَحْوِ الْكُنَاسَةِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ شَمِرُ بْنُ ذِي الْجَوْشَنِ فِي أَلْفَيْنِ، فَسَرَّحَ إِلَيْهِ الْمُخْتَارُ سَعِيدَ بْنَ مُنْقِذٍ الْهَمْدَانِيَّ فَوَاقَعَهُ، وَأَرْسَلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ يَأْمُرُهُ بِالْمَسِيرِ، فَسَارَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى سِكَّةَ شَبَثٍ، فَإِذَا نَوْفَلُ بْنُ مُسَاحِقٍ فِي أَلْفَيْنِ، وَقِيلَ خَمْسَةِ آلَافٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقَدْ أَمَرَ ابْنُ مُطِيعٍ مُنَادِيًا فَنَادَى فِي النَّاسِ أَنِ الْحَقُوا بِابْنِ مُسَاحِقٍ.

وَخَرَجَ ابْنُ مُطِيعٍ فَوَقَفَ بِالْكُنَاسَةِ وَاسْتَخْلَفَ شَبَثَ بْنَ رِبْعِيٍّ عَلَى الْقَصْرِ، فَدَنَا ابْنُ الْأَشْتَرِ مِنِ ابْنِ مُطِيعٍ فَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالنُّزُولِ وَقَالَ لَهُمْ: لَا يَهُولَنَّكُمْ أَنْ يُقَالَ جَاءَ شَبَثٌ وَآلُ عُتَيْبَةَ بْنُ النَّهَّاسِ وَآلُ الْأَشْعَثِ وَآلُ يَزِيدَ بْنُ الْحَارِثِ وَآلُ فُلَانٍ، فَسَمَّى بُيُوتَاتِ أَهْلِ الْكُوفَةِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ هَؤُلَاءِ لَوْ وَجَدُوا حَرَّ السُّيُوفِ لَانْهَزَمُوا عَنِ ابْنِ مُطِيعٍ انْهِزَامَ الْمَعْزَى مِنَ الذِّئْبِ. فَفَعَلُوا ذَلِكَ.

وَأَخَذَ ابْنُ الْأَشْتَرِ أَسْفَلَ قَبَائِهِ فَأَدْخَلَهُ فِي مِنْطَقَتِهِ، وَكَانَ الْقَبَاءُ عَلَى الدِّرْعِ، فَلَمْ يَلْبَثُوا حِينَ حَمَلَ عَلَيْهِمْ أَنِ انْهَزَمُوا يَرْكَبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَلَى أَفْوَاهِ السِّكَكِ وَازْدَحَمُوا، وَانْتَهَى ابْنُ الْأَشْتَرِ إِلَى ابْنِ مُسَاحِقٍ، فَأَخَذَ بِعِنَانِ دَابَّتِهِ وَرَفَعَ السَّيْفَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا ابْنَ الْأَشْتَرِ أَنْشُدُكَ اللَّهَ هَلْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ مِنْ إِحْنَةٍ أَوْ تَطْلُبُنِي بِثَأْرٍ؟ فَخَلَّى سَبِيلَهُ، وَقَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>