للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَقُولُ لِإِبْرَاهِيمَ لَمَّا لَقِيتُهُ ... أَرَى الْأَمْرَ أَضْحَى مُنْصِبًا مُتَشَعِّبَا

تَجَهَّزْ وَأَسْرِعْ فَالْحَقِ الْجَيْشَ لَا أَرَى ... سِوَى الْجَيْشِ إِلَّا فِي الْمَهَالِكِ مَذْهَبَا

تَخَيَّرْ فَإِمَّا أَنْ تَزُورَ ابْنَ ضَابِئٍ ... عُمَيْرًا وَإِمَّا أَنْ تَزُورَ الْمُهَلَّبَا

هُمَا خُطَّتَا خَسْفٍ نَجَاؤُكَ مِنْهُمَا ... رُكُوبُكَ حَوْلِيًّا مِنَ الثَّلْجِ أَشْهَبَا

فَحَالَ وَلَوْ كَانَتْ خُرَاسَانُ دُونَهُ ... رَآهَا مَكَانَ السُّوقِ أَوْ هِيَ أَقْرَبَا

فَكَائِنْ تَرَى مِنْ مُكْرَهِ الْغَزْوِ مُسْمِرًا ... تَحَمَّمَ حِنْوَ السَّرْجِ حَتَّى تَحَنَّبَا

تَحَمَّمَ، أَيْ لَزِمَهُ حَتَّى صَارَ كَالْحَمِيمِ. وَتَحَنَّبَ: اعْوَجَّ. وَالزَّبِيرُ هَاهُنَا بِفَتْحِ الزَّايِ وَكَسْرِ الْبَاءِ.

قِيلَ: وَكَانَ قُدُومُ الْحَجَّاجِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، فَوَجَّهَ الْحَكَمَ بْنَ أَيُّوبَ الثَّقَفِيَّ عَلَى الْبَصْرَةِ أَمِيرًا، وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَدَّ عَلَى خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، فَبَلَغَ خَالِدًا الْخَبَرُ فَخَرَجَ عَنِ الْبَصْرَةِ، فَنَزَلَ الْجَلْحَاءَ، وَشَيَّعَهُ أَهْلُ الْبَصْرَةِ فَقَسَّمَ فِيهِمْ أَلْفَ أَلْفٍ.

فَكَانَ الْحَجَّاجُ أَوَّلَ مَنْ عَاقَبَ بِالْقَتْلِ عَلَى التَّخَلُّفِ عَنِ الْوَجْهِ الَّذِي يُكْتَبُ إِلَيْهِ. قَالَ الشَّعْبِيُّ: كَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَخَلَّ بِوَجْهِهِ الَّذِي يُكْتَبُ إِلَيْهِ زَمَنَ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ نُزِعَتْ عِمَامَتُهُ، وَيُقَامُ لِلنَّاسِ، وَيُشْهَرُ أَمْرُهُ، فَلَمَّا وَلِيَ مُصْعَبٌ قَالَ: مَا هَذَا بِشَيْءٍ، وَأَضَافَ إِلَيْهِ حَلْقَ الرُّءُوسِ وَاللِّحَى، فَلَمَّا وَلِيَ بِشْرُ بْنُ مَرْوَانَ زَادَ فِيهِ، فَصَارَ يَرْفَعُ الرَّجُلَ عَنِ الْأَرْضِ وَيُسَمَّرُ فِي يَدَيْهِ مِسْمَارَانِ فِي حَائِطٍ، فَرُبَّمَا مَاتَ وَرُبَّمَا خَرَقَ الْمِسْمَارُ كَفَّهُ فَسَلِمَ، فَقَالَ شَاعِرٌ:

لَوْلَا مَخَافَةُ بِشْرٍ أَوْ عُقُوبَتِهِ ... وَأَنْ يُنَوَّطَ فِي كَفَّيَّ مِسْمَارُ

إِذًا لَعَطَّلْتُ ثَغْرِي ثُمَّ زُرْتُكُمُ ... إِنَّ الْمُحِبَّ لِمَنْ يَهْوَاهُ زَوَّارُ

فَلَمَّا كَانَ الْحَجَّاجُ قَالَ: هَذَا لَعِبٌ، أَضْرِبُ عُنُقَ مَنْ يَخْلُ مَكَانُهُ مِنَ الثَّغْرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>