يَعْنِي الْحَجَّاجَ، فَإِنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَقُولُ: إِنَّ ثَقِيفًا بَقَايَا ثَمُودٍ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: هُمْ مِنْ نَسْلِ يَقْدُمَ الْإِيَادِيِّ.
ثُمَّ اقْتَحَمُوا الْمَسْجِدَ الْأَعْظَمَ، وَكَانَ لَا يَزَالُ فِيهِ قَوْمٌ يُصَلُّونَ، فَقَتَلُوا عَقِيلَ بْنَ مُصْعَبٍ الْوَادِعِيَّ، وَعَدِيَّ بْنَ عَمْرٍو الثَّقَفِيَّ، وَأَبَا لَيْثِ بْنَ أَبِي سُلَيْمٍ، وَمَرُّوا بِدَارِ حَوْشَبٍ، وَهُوَ عَلَى الشَّرْطِ، فَقَالُوا: إِنَّ الْأَمِيرَ يَطْلُبُهُ، فَأَرَادَ الرُّكُوبَ، ثُمَّ أَنْكَرَهُمْ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ، فَقَتَلُوا غُلَامَهُ، ثُمَّ أَتَى الْجَحَّافَ بْنَ نُبَيْطٍ الشَّيْبَانِيَّ فَقَالَ لَهُ: انْزِلْ لِنَقْضِيَكَ ثَمَنَ الْبَكْرَةِ الَّتِي اشْتَرَيْتُ مِنْكَ بِالْبَادِيَةِ. فَقَالَ الْجَحَّافُ: أَمَا ذَكَرْتَ أَمَانَتَكَ إِلَّا وَاللَّيْلُ أَظْلَمُ وَأَنْتَ عَلَى فَرَسِكَ يَا سُوَيْدٌ؟ قَبَّحَ اللَّهُ دِينًا لَا يَصْلُحُ إِلَّا بِإِرَاقَةِ الدِّمَاءِ وَقَتْلِ الْقَرَابَةِ.
ثُمَّ مَرُّوا بِمَسْجِدِ ذُهْلٍ فَرَأَوْا ذُهْلَ بْنَ الْحَارِثِ، وَكَانَ يُطِيلُ الصَّلَاةَ فِيهِ، فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ خَرَجُوا مِنَ الْكُوفَةِ، فَاسْتَقْبَلَهُمُ النَّضْرُ بْنُ قَعْقَاعِ بْنِ شَوْرٍ الذُّهْلِيُّ، فَقَالَ لَهُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْأَمِيرُ. فَقَالَ لَهُ سُوَيْدٌ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَيْلَكَ! فَقَالَ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ لَهُ شَبِيبٌ: يَا نَضْرُ، لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَرَادَ يَلْعَنُهُ، فَقَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. فَشَدَّ أَصْحَابُ شَبِيبٍ عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ، وَكَانَ قَدْ أَقْبَلَ مَعَ الْحَجَّاجِ مِنَ الْبَصْرَةِ، فَتَخَلَّفَ عَنْهُ، وَكَانَتْ أُمُّ النَّضْرِ نَاجِيَةَ بِنْتَ هَانِئِ بْنِ قَبِيصَةَ الشَّيْبَانِيِّ، فَأَحَبَّ شَبِيبٌ نَجَاتَهُ.
ثُمَّ خَرَجُوا نَحْوَ الْمَرْدَمَةِ، وَأَمَرَ الْحَجَّاجُ مُنَادِيًا فَنَادَى: يَا خَيْلَ اللَّهِ ارْكَبِي، وَهُوَ فَوْقَ بَابِ الْقَصْرِ، وَعِنْدَهُ مِصْبَاحٌ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ أَتَاهُ عُثْمَانُ بْنُ قَطَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُصَيْنِ ذِي الْغُصَّةِ، فَقَالَ: أَعْلِمُوا الْأَمِيرَ بِمَكَانِي. فَقَالَ لَهُ غُلَامٌ لِلْحَجَّاجِ: قِفْ بِمَكَانِكَ. وَجَاءَ النَّاسُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ.
ثُمَّ إِنَّ الْحَجَّاجَ بَعَثَ بِشْرَ بْنَ غَالِبٍ الْأَسَدِيَّ فِي أَلْفَيْ رَجُلٍ، وَزَائِدَةَ بْنَ قُدَامَةَ الثَّقَفِيَّ فِي أَلْفَيْ رَجُلٍ، (وَأَبَا الضُّرَيْسِ مَوْلَى بَنِي تَمِيمٍ فِي أَلْفَيْ رَجُلٍ) ، وَعَبْدَ الْأَعْلَى بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ، وَزِيَادَ بْنَ عَمْرٍو الْعَتَكِيَّ.
وَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ قَدِ اسْتَعْمَلَ مُحَمَّدَ بْنَ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَلَى سِجِسْتَانَ، وَكَتَبَ إِلَى الْحَجَّاجِ لِيُجَهِّزَهُ وَيُسَيِّرَهُ سَرِيعًا فِي أَلْفِ رَجُلٍ إِلَى عَمَلِهِ، فَأَقَامَ يَتَجَهَّزُ، وَحَدَثَ مِنْ أَمْرِ شَبِيبٍ مَا حَدَثَ، فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ: تَلْقَى شَبِيبًا وَهَذِهِ الْخَارِجَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute