للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَتُجَاهِدُهُمْ، وَيَكُونُ الظَّفَرُ لَكَ وَيَطِيرُ اسْمُكَ، ثُمَّ تَمْضِي إِلَى عَمَلِكَ. فَسَيَّرَهُ مَعَهُمْ، وَقَالَ لِهَؤُلَاءِ الْأُمَرَاءِ: إِنْ كَانَ حَرْبٌ فَأَمِيرُكُمْ زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ. فَسَارَ هَؤُلَاءِ الْأُمَرَاءُ فَنَزَلُوا أَسْفَلَ الْفُرَاتِ، فَتَرَكَ شَبِيبٌ الْوَجْهَ الَّذِي هُمْ فِيهِ، وَأَخَذَ نَحْوَ الْقَادِسِيَّةِ.

ذِكْرُ مُحَارَبَةِ شَبِيبٍ زَحْرَ بْنَ قَيْسٍ

وَوَجَّهَ الْحَجَّاجُ جَرِيدَةَ خَيْلٍ نَقَاوَةَ أَلْفِ وَثَمَانِمِائَةِ فَارِسٍ مَعَ زَحْرِ بْنِ قَيْسٍ، وَقَالَ لَهُ: اتْبَعْ شَبِيبًا حَتَّى تُوَاقِعَهُ أَيْنَ أَدْرَكْتَهُ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَاهِبًا، فَاتْرُكْهُ مَا لَمْ يَعْطِفْ عَلَيْكَ أَوْ يُقِيمُ. فَخَرَجَ زَحْرٌ حَتَّى انْتَهَى إِلَى السَّيْلَحِينِ، وَأَقْبَلَ شَبِيبٌ نَحْوَهُ، فَالْتَقَيَا، فَجَمَعَ شَبِيبٌ خَيْلَهُ، ثُمَّ اعْتَرَضَ بِهِمُ الصَّفَّ حَتَّى انْتَهَى إِلَى زَحْرٍ، فَقَاتَلَ زَحْرٌ حَتَّى صُرِعَ، وَانْهَزَمَ أَصْحَابُهُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ، فَلَمَّا كَانَ السَّحَرُ وَأَصَابَهُ الْبَرْدُ قَامَ يَتَمَشَّى حَتَّى دَخَلَ قَرْيَةً فَبَاتَ بِهَا، وَحُمِلَ مِنْهَا إِلَى الْكُوفَةِ، وَبِوَجْهِهِ وَبِرَأْسِهِ بِضْعَ عَشْرَةَ جِرَاحَةً، فَمَكَثَ أَيَّامًا ثُمَّ أَتَى الْحَجَّاجَ فَأَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ، وَقَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَمْشِي بَيْنَ النَّاسِ وَهُوَ شَهِيدٌ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا.

ذِكْرُ مُحَارَبَةِ الْأُمَرَاءِ الْمُقَدَّمِ ذِكْرُهُمْ وَقَتْلِ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ

فَلَمَّا هُزِمَ أَصْحَابُ زَحْرٍ قَالَ أَصْحَابُ شَبِيبٍ لِشَبِيبٍ: قَدْ هَزَمْنَا لَهُمْ جُنْدًا، انْصَرِفْ بِنَا الْآنَ وَافْرِينَ. فَقَالَ لَهُمْ: هَذِهِ الْهَزِيمَةُ قَدْ أَرْعَبَتْ هَؤُلَاءِ الْأُمَرَاءَ وَالْجُنُودَ الَّذِينَ فِي طَلَبِكُمْ، فَاقْصُدُوا بِنَا نَحْوَهُمْ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَاتَلْنَاهُمْ فَمَا دُونَ الْحَجَّاجِ مَانِعٌ، وَنَأْخُذُ الْكُوفَةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى -. فَقَالُوا: نَحْنُ لِرَأْيِكَ تَبَعٌ.

فَسَارَ وَسَأَلَ عَنِ الْأُمَرَاءِ فَأُخْبِرَ أَنَّهُمْ بِرُوذْبَارَ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا مِنَ الْكُوفَةِ، فَقَصَدَهُمْ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمُ الْحَجَّاجُ يُعْلِمُهُمْ بِمَسِيرِهِ وَيَقُولُ لَهُمْ: إِنَّ أَمِيرَ الْجَمَاعَةِ زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ.

وَانْتَهَى إِلَيْهِمْ شَبِيبٌ وَقَدْ تَعَبَّؤُوا لِلْحَرْبِ، فَكَانَ عَلَى مَيْمَنَةِ أَهْلِ الْكُوفَةِ زِيَادُ بْنُ عَمْرٍو الْعَتَكِيُّ، وَفِي مَيْسَرَتِهِمْ بِشْرُ بْنُ غَالِبٍ الْأَسَدِيُّ، وَكُلُّ أَمِيرٍ وَاقِفٌ فِي أَصْحَابِهِ، وَأَقْبَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>