للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقِيلَ: كَانَ سَبَبُ الْبَلِيَّةِ أَنَّهُ حَدَّثَ نَفْسَهُ أَنَّهُ يُطِيقُ أَنْ يَقْطَعَ يَوْمًا بِغَيْرِ مُقَارَفَةِ سُوءٍ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي يَخْلُو فِيهِ لِلْعِبَادَةِ عَزَمَ عَلَى أَنْ يَقْطَعَ ذَلِكَ الْيَوْمَ بِغَيْرِ سُوءٍ وَأَغْلَقَ بَابَهُ، وَأَقْبَلَ عَلَى الْعِبَادَةِ، فَإِذَا هُوَ بِحَمَامَةٍ مِنْ ذَهَبٍ فِيهَا كُلُّ لَوْنٍ حَسَنٍ قَدْ وَقَعَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَهْوَى لِيَأْخُذَهَا، فَطَارَتْ غَيْرَ بَعِيدٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَيْأَسَ مِنْ أَخْذِهَا، فَمَا زَالَ يَتْبَعُهَا وَهِيَ تَفِرُّ مِنْهُ حَتَّى أَشْرَفَ عَلَى امْرَأَةٍ تَغْتَسِلُ فَأَعْجَبَهُ حُسْنُهَا، فَلَمَّا رَأَتْ ظِلَّهُ فِي الْأَرْضِ جَلَّلَتْ نَفْسَهَا بِشَعْرِهَا فَاسْتَتَرَتْ بِهِ، فَزَادَهُ ذَلِكَ رَغْبَةً، فَسَأَلَ عَنْهَا، فَأُخْبِرَ أَنَّ زَوْجَهَا بِثَغْرِ كَذَا فَبَعَثَ إِلَى صَاحِبِ الثَّغْرِ بِأَنْ يُقَدِّمَ أُورِيَّا بَيْنَ يَدَيِ التَّابُوتِ فِي الْحَرْبِ، وَكَانَ كُلُّ مَنْ يَتَقَدَّمُ بَيْنَ يَدَيِ التَّابُوتِ لَا يَنْهَزِمُ، إِمَّا أَنْ يَظْفَرَ أَوْ يُقْتَلَ، فَفَعَلَ ذَلِكَ بِهِ فَقُتِلَ.

وَقِيلَ: إِنَّ دَاوُدَ لَمَّا نَظَرَ إِلَى الْمَرْأَةِ فَأَعْجَبَتْهُ سَأَلَ عَنْ زَوْجِهَا، فَقِيلَ: إِنَّهُ فِي جَيْشِ كَذَا، فَكَتَبَ إِلَى صَاحِبِ الْجَيْشِ أَنْ يَبْعَثَهُ فِي سَرِيَّةٍ إِلَى عَدُوِّ كَذَا، فَفَعَلَ ذَلِكَ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَكَتَبَ إِلَى دَاوُدَ فَأَمَرَ دَاوُدُ أَنْ يُرْسَلَ أَيْضًا إِلَى عَدُوِّ كَذَا أَشَدَّ مِنْهُ، فَفَعَلَ، فَظَفِرَ، فَأَمَرَ دَاوُدُ أَنْ يُرْسَلَ إِلَى عَدُوٍّ ثَالِثٍ، فَفَعَلَ، فَقُتِلَ أُورِيَّا فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ، فَلَمَّا قُتِلَ تَزَوَّجَ دَاوُدُ امْرَأَتَهُ، وَهِيَ أُمُّ سُلَيْمَانَ فِي قَوْلِ قَتَادَةَ.

وَقِيلَ: إِنَّ خَطِيئَةَ دَاوُدَ كَانَتْ أَنَّهُ لَمَّا بَلَغَهُ حُسْنُ امْرَأَةِ أُورِيَّا تَمَنَّى أَنْ تَكُونَ لَهُ حَلَالًا، فَاتَّفَقَ أَنَّ أُورِيَّا سَارَ إِلَى الْجِهَادِ فَقُتِلَ فَلَمْ يَجِدْ لَهُ مِنَ الْهَمِّ مَا وَجَدَهُ لِغَيْرِهِ، فَبَيْنَمَا دَاوُدُ فِي الْمِحْرَابِ يَوْمَ عِبَادَتِهِ وَقَدْ أَغْلَقَ الْبَابَ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ مَلَكَانِ أَرْسَلَهُمَا اللَّهُ إِلَيْهِ مِنْ غَيْرِ الْبَابِ، فَرَاعَهُ ذَلِكَ فَقَالَا: {لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ - إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ} [ص: ٢٢ - ٢٣] ، أَيْ قَهَرَنِي، وَأَخَذَ نَعْجَتِي، فَقَالَ لِلْآخَرِ: مَا تَقُولُ؟ قَالَ: صَدَقَ، إِنِّي أَرَدْتُ أَنْ أُكْمِلَ نِعَاجِي مِائَةً فَأَخَذْتُ نَعْجَتَهُ. فَقَالَ دَاوُدُ: إِذًا لَا نَدَعُكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>