وَقِيلَ: كَتَبَ الْحَجَّاجُ إِلَى يَزِيدَ: اغْزُ خَوَارِزْمَ، فَكَتَبَ: إِنَّهَا قَلِيلَةُ السَّلَبِ، شَدِيدَةُ الْكَلَبِ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ: اسْتَخْلِفْ وَاقْدِمْ. فَكَتَبَ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَغْزُوَ خَوَارِزْمَ. فَكَتَبَ الْحَجَّاجُ: لَا تَغْزُهَا فَإِنَّهَا كَمَا ذَكَرْتَ. فَغَزَا وَلَمْ يُطِعْهُ، فَصَالَحَهُ أَهْلُهَا وَأَصَابَ سَبْيًا، وَقَتَلَ فِي الشِّتَاءِ، وَأَصَابَ النَّاسَ بَرْدٌ، فَأَخَذُوا ثِيَابَ الْأَسْرَى، فَمَاتَ ذَلِكَ السَّبْيُ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ أَنِ اقْدِمْ. فَسَارَ إِلَيْهِ، فَكَانَ لَا يَمُرُّ بِبَلَدٍ إِلَّا فَرَشَ أَهْلُهُ الرَّيَاحِينَ.
(حُضَيْنُ بْنُ الْمُنْذِرِ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الْمَضْمُومَةِ، وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ الْمَفْتُوحَةِ، وَآخِرُهُ نُونٌ) .
ذِكْرُ غَزْوِ الْمُفَضَّلِ بَاذَغِيسَ وَآخَرُونَ
لَمَّا وَلِيَ الْمُفَضَّلُ خُرَاسَانَ غَزَا بَاذَغِيسَ فَفَتَحَهَا، وَأَصَابَ مَغْنَمًا فَقَسَّمَهُ، فَأَصَابَ كُلُّ رَجُلٍ ثَمَانِيَ مِائَةٍ. ثُمَّ غَزَا آخَرُونَ وَشُومَانَ، فَغَنِمَ وَقَسَّمَ مَا أَصَابَ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُفَضَّلِ بَيْتُ مَالٍ، كَانَ يُعْطِي النَّاسَ كُلَّمَا جَاءَ شَيْءٌ، وَإِنْ غَنِمَ شَيْئًا قَسَّمَهُ بَيْنَهُمْ.
ذِكْرُ مَقْتَلِ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَازِمٍ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ قُتِلَ مُوسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَازِمٍ بِتِرْمِذَ.
وَكَانَ سَبَبُ مَصِيرِهِ إِلَى تِرْمِذَ أَنَّ أَبَاهُ لَمَّا قَتَلَ مَنْ قَتَلَ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ ذَلِكَ، تَفَرَّقَ عَنْهُ أَكْثَرُ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْهُمْ، فَخَرَجَ إِلَى نَيْسَابُورَ، وَخَافَ بَنِي تَمِيمٍ عَلَى ثَقَلِهِ بِمَرْوَ، فَقَالَ لِابْنِهِ مُوسَى: خُذْ ثَقَلِي، وَاقْطَعْ نَهْرَ بَلْخٍ حَتَّى تَلْتَجِئَ إِلَى بَعْضِ الْمُلُوكِ، وَإِلَى حِصْنٍ تُقِيمُ فِيهِ. فَرَحَلَ مُوسَى عَنْ مَرْوَ فِي عِشْرِينَ وَمِائَتَيْ فَارِسٍ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ تَتِمَّةُ أَرْبَعِمِائَةٍ، وَانْضَمَّ إِلَيْهِ قَوْمٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، فَأَتَى زَمَّ، فَقَاتَلَهُ أَهْلُهَا، فَظَفِرَ بِهِمْ فَأَصَابَ مَالًا، وَقَطَعَ النَّهْرَ وَأَتَى بُخَارَى، فَسَأَلَ صَاحِبَهَا أَنْ يَلْجَأَ إِلَيْهِ فَأَبَى. فَخَافَهُ وَقَالَ: رَجُلٌ فَاتِكٌ وَأَصْحَابُهُ مِثْلُهُ فَلَا آمَنُهُ. وَوَصَلَهُ وَسَارَ، فَلَمْ يَأْتِ مَلِكًا يَلْجَأُ إِلَيْهِ إِلَّا كَرِهَ مُقَامَهُ عِنْدَهُ، فَأَتَى سَمَرْقَنْدَ فَأَقَامَ بِهَا، وَأَكْرَمَهُ مَلِكُهَا طَرْخُونُ، وَأَذِنَ لَهُ فِي الْمُقَامِ، وَأَقَامَ مَا شَاءَ اللَّهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute