للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيَغْزُوا قُتَيْبَةَ، وَكَتَبَ إِلَى كَابُلَ شَاهْ يَسْتَظْهِرُ بِهِ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِثَقَلِهِ وَمَالِهِ، وَسَأَلَهُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ إِنِ اضْطَرَّ إِلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَهُ، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ.

وَكَانَ جَبْغَوَيْهِ مَلِكُ طَخَارِسْتَانَ ضَعِيفًا، فَأَخَذَهُ نِيزَكُ فَقَيَّدَهُ بِقَيْدٍ مِنْ ذَهَبٍ لِئَلَّا يُخَالِفَ عَلَيْهِ، وَكَانَ جَبْغَوَيْهِ هُوَ الْمَلِكَ، وَنِيزَكُ عَبْدَهُ، فَاسْتَوْثَقَ مِنْهُ وَأَخْرَجَ عَامِلَ قُتَيْبَةَ مِنْ بِلَادِ جَبْغَوَيْهِ. وَبَلَغَ قُتَيْبَةَ خَلْعُهُ قَبْلَ الشِّتَاءِ وَقَدْ تَفَرَّقَ الْجُنْدُ، فَبَعَثَ أَخَاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُسْلِمٍ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا إِلَى الْبَرُوقَانِ، وَقَالَ: أَقِمْ بِهَا وَلَا تُحْدِثْ شَيْئًا، فَإِذَا انْقَضَى الشِّتَاءُ سِرْ نَحْوَ طَخَارِسْتَانَ، وَاعْلَمْ أَنِّي قَرِيبٌ مِنْكَ.

فَسَارَ، فَلَمَّا كَانَ آخِرَ الشِّتَاءِ كَتَبَ قُتَيْبَةُ إِلَى نَيْسَابُورَ وَغَيْرِهَا مِنَ الْبِلَادِ لِيَقْدَمَ عَلَيْهِ الْجُنُودُ، فَقَدِمُوا قَبْلَ أَوَانِهِمْ، فَسَارَ نَحْوَ الطَّالْقَانِ، وَكَانَ مَلِكُهَا قَدْ خَلَعَ وَطَابَقَ نِيزَكَ عَلَى الْخَلْعِ، فَأَتَاهُ قُتَيْبَةُ فَأَوْقَعَ بِأَهْلِ الطَّالْقَانِ، فَقَتَلَ مِنْ أَهْلِهَا مَقْتَلَةً عَظِيمَةً، وَصَلَبَ مِنْهُمْ سِمَاطَيْنِ أَرْبَعَةَ فَرَاسِخَ فِي نِظَامٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ انْقَضَتِ السَّنَةُ قَبْلَ مُحَارَبَةِ نِيزَكَ، وَسَنَذْكُرُ تَمَامَ خَبَرِهِ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

ذِكْرُ هَرَبِ يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ وَإِخْوَتِهِ مِنْ سِجْنِ الْحَجَّاجِ

قِيلَ: وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ هَرَبَ يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ وَإِخْوَتُهُ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ مِنْ سِجْنَ الْحَجَّاجِ، وَكَانَ الْحَجَّاجُ قَدْ خَرَجَ إِلَى رُسْتَقَابَاذَ لِلْبَعْثِ، لِأَنَّ الْأَكْرَادَ كَانُوا قَدْ غَلَبُوا عَلَى فَارِسَ، وَخَرَجَ مَعَهُ يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ وَإِخْوَتُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ، وَالْمُفَضَّلُ فِي عَسْكَرِهِ، وَجَعَلَ عَلَيْهِمْ كَهَيْئَةِ الْخَنْدَقِ، وَجَعَلَهُمْ فِي فُسْطَاطٍ قَرِيبٍ مِنْهُ، وَجَعَلَ عَلَيْهِمُ الْحَرَسَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، وَطَلَبَ مِنْهُمْ سِتَّةَ آلَافِ أَلْفٍ، وَأَخَذَ يُعَذِّبُهُمْ، فَكَانَ يَزِيدُ يَصْبِرُ صَبْرًا حَسَنًا، وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَغِيظُ الْحَجَّاجَ مِنْهُ. فَقِيلَ لِلْحَجَّاجِ إِنَّهُ رُمِيَ فِي سَاقِهِ بِنُشَّابَةٍ، فَثَبَتَ نَصْلُهَا فِيهِ، فَهُوَ لَا يَمَسُّهَا إِلَّا صَاحَ، فَأَمَرَ أَنْ يُعَذَّبَ فِي سَاقِهِ، فَلَمَّا فَعَلُوا بِهِ ذَلِكَ صَاحَ، وَأُخْتُهُ هِنْدُ بِنْتُ الْمُهَلَّبِ عِنْدَ الْحَجَّاجِ، فَلَمَّا سَمِعَتْ صَوْتَهُ صَاحَتْ وَنَاحَتْ، فَطَلَّقَهَا الْحَجَّاجُ، ثُمَّ إِنَّهُ كَفَّ عَنْهُمْ، وَأَقْبَلَ يَسْتَأْدِيهُمْ وَهُمْ يَعْمَلُونَ فِي التَّخَلُّصِ، فَبَعَثُوا إِلَى أَخِيهِمْ مَرْوَانَ، وَكَانَ بِالْبَصْرَةِ، أَنْ يَضْمَنَ لَهُمْ خَيْلًا وَيُرِيَ النَّاسَ أَنَّهُ يُرِيدُ بَيْعَهَا لِتَكُونَ عُدَّةً. فَفَعَلَ ذَلِكَ، وَكَانَ أَخُوهُ حَبِيبٌ يُعَذَّبُ بِالْبَصْرَةِ أَيْضًا.

فَصَنَعَ يَزِيدُ لِلْحَرَسِ طَعَامًا كَثِيرًا، وَأَمَرَ لَهُمْ بِشَرَابٍ، فَسُقُوا وَاشْتَغَلُوا بِهِ، وَلَبِسَ يَزِيدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>