إِلَى الْوَلِيدِ، فَوَلَدَتْ لَهُ يَزِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ.
وَأَمَرَ غَوْزَكَ بِالِانْتِقَالِ عَنْهَا فَانْتَقَلَ.
وَقِيلَ: إِنَّ أَهْلَ سَمَرْقَنْدَ خَرَجُوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ يُقَاتِلُونَهُمْ يَوْمَ فَتْحِهَا، وَقَدْ أَمَرَ قُتَيْبَةُ بِسَرِيرٍ فَأُبْرِزَ وَقَعَدَ عَلَيْهِ، فَطَاعَنُوهُمْ حَتَّى جَازُوا قُتَيْبَةَ وَإِنَّهُ لِمُحْتَبٍ بِسَيْفِهِ مَا حَلَّ حَبَوْتَهُ، وَانْطَوَتْ مُجَنِّبَتَا الْمُسْلِمِينَ عَلَى الَّذِينَ هَزَمُوا الْقَلْبَ، فَهَزَمُوهُمْ حَتَّى رَدُّوهُمْ إِلَى عَسْكَرِهِمْ، وَقُتِلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ عَدَدٌ كَثِيرٌ، وَدَخَلُوا الْمَدِينَةَ فَصَالَحُوهُمْ، وَصَنَعَ غَوْزَكُ طَعَامًا وَدَعَا قُتَيْبَةَ، فَأَتَاهُ فِي عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا بَعُدَ اسْتَوْهَبَ مِنْهُ سَمَرْقَنْدَ وَقَالَ لِلْمَلِكِ: انْتَقِلْ عَنْهَا، فَلَمْ نَجِدْ بُدًّا مِنْ طَاعَتِهِ، وَتَلَا قُتَيْبَةُ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى} [النجم: ٥٠] ، {وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى} [النجم: ٥١] .
وَحُكِيَ عَنِ الَّذِي أَرْسَلَهُ قُتَيْبَةُ إِلَى الْحَجَّاجِ بِفَتْحِ سَمَرْقَنْدَ قَالَ: فَأَرْسَلَنِي الْحَجَّاجُ إِلَى الْوَلِيدِ، فَقَدِمْتُ دِمَشْقَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، فَدَخَلَتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا إِلَى جَنْبِي رَجُلٌ ضَرِيرٌ، فَسَأَلَنِي: مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ فَقُلْتُ: مِنْ خُرَاسَانَ، وَأَخْبَرْتُهُ خَبَرَ سَمَرْقَنْدَ. فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ مَا افْتَتَحْتُمُوهَا إِلَّا غَدْرًا! وَإِنَّكُمْ يَا أَهْلَ خُرَاسَانَ الَّذِينَ تَسْلُبُونَ بَنِي أُمَيَّةَ مُلْكَهُمْ، ثُمَّ تَنْقُضُونَ دِمَشْقَ حَجَرًا حَجَرًا. فَلَمَّا فَتَحَ قُتَيْبَةُ سَمَرْقَنْدَ قِيلَ: [إِنَّ] هَذَا لَأَعْدَى الْعَيْرَيْنِ، لِأَنَّهُ فَتَحَ سَمَرْقَنْدَ وَخُوَارَزْمَ فِي عَامٍ وَاحِدٍ، وَذَلِكَ أَنَّ الْفَارِسَ إِذَا صَرَعَ فِي طَلْقٍ وَاحِدٍ عَيْرَيْنِ قِيلَ: عَادَى عَيْرَيْنِ. فَلَمَّا فَتَحَهَا قُتَيْبَةُ دَعَا نَهَارَ بْنَ تَوْسِعَةَ فَقَالَ: يَا نَهَارُ أَيْنَ قَوْلُكَ:
أَلَا ذَهَبَ الْغَزْوُ الْمُقَرِّبُ لِلْغِنَى ... وَمَاتَ النَّدَى وَالْجُودُ بَعْدَ الْمُهَلَّبِ
أَقَامَا بِمُرْوِ الرُّوذِ رَهَنَ ضَرِيحِهِ ... وَقَدْ غُيِّبَا عَنْ كُلِّ شَرْقٍ وَمَغْرِبِ
أَفَغَزْوٌ هَذَا؟ قَالَ: لَا، هَذَا أَحْسَنُ، وَأَنَا الَّذِي أَقُولُ:
وَمَا كَانَ مُذْ كُنَّا وَلَا كَانَ قَبْلَنَا ... وَلَا هُوَ فِيمَا بَعْدَنَا كَابْنِ مُسْلِمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute