ثُمَّ أَمَرَ سُلَيْمَانُ بِرَسُولِ قُتَيْبَةَ فَأُنْزِلَ، فَأَحْضَرَهُ لَيْلًا فَأَعْطَاهُ دَنَانِيرَ جَائِزَتَهُ، وَأَعْطَاهُ عَهْدَ قُتَيْبَةَ عَلَى خُرَاسَانَ، وَسَيَّرَ مَعَهُ رَسُولًا بِذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَا بِحُلْوَانَ بَلَغَهُمَا خَلْعُ قُتَيْبَةَ، فَرَجَعَ رَسُولُ سُلَيْمَانَ.
وَكَانَ قُتَيْبَةُ لَمَّا هَمَّ بِخَلْعِ سُلَيْمَانَ اسْتَشَارَ إِخْوَتَهُ، فَقَالَ لَهُ أَخُوهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: اقْطَعْ بَعْثًا فَوَجِّهْ فِيهِ كُلَّ مَنْ تَخَافُهُ، وَوَجِّهْ قَوْمًا إِلَى مَرْوَ، وَسِرْ حَتَّى تَنْزِلَ سَمَرْقَنْدَ، وَقُلْ لِمَنْ مَعَكَ: مَنْ أَحَبَّ الْمُقَامَ فَلَهُ الْمُوَاسَاةُ، وَمَنْ أَرَادَ الِانْصِرَافَ فَغَيْرُ مُسْتَكْرَهٍ، فَلَا يُقِيمُ عِنْدَكَ إِلَّا مُنَاصِحٌ، وَلَا يَخْتَلِفُ عَلَيْكَ أَحَدٌ.
وَقَالَ لَهُ أَخُوهُ عَبْدُ اللَّهِ: اخْلَعْهُ مَكَانَكَ، فَلَا يَخْتَلِفُ عَلَيْكَ رَجُلَانِ. فَخَلَعَ سُلَيْمَانَ مَكَانَهُ، وَدَعَا النَّاسَ إِلَى خَلْعِهِ، وَذَكَرَ أَثَرَهُ فِيهِمْ وَسُوءَ أَثَرِ مَنْ تَقَدَّمَهُ، فَلَمْ يَجُبْهُ أَحَدٌ، فَغَضِبَ وَقَالَ: لَا أَعَزَّ اللَّهُ مَنْ نَصَرْتُمْ! ثُمَّ وَاللَّهِ اجْتَمَعْتُمْ عَلَى عَنْزٍ مَا كَسَرْتُمْ قَرْنَهَا! يَا أَهْلَ السَّافِلَةِ، وَلَا أَقُولُ يَا أَهْلَ الْعَالِيَةِ، أَوْبَاشَ الصَّدَقَةِ (جَمَعْتُكُمْ كَمَا تُجْمَعُ إِبِلُ الصَّدَقَةِ) مِنْ كُلِّ أَوْبٍ! يَا مَعْشَرَ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ! يَا أَهْلَ النَّفْخِ وَالْكَذِبِ وَالْبُخْلِ! بِأَيِّ يَوْمَيْكُمْ تَفْخَرُونَ؟ بِيَوْمِ حَرْبِكُمْ، أَوْ بِيَوْمِ سِلْمِكُمْ! يَا أَصْحَابَ مُسَيْلِمَةَ! يَا بَنِي ذَمِيمٍ، وَلَا أَقُولُ تَمِيمٍ! يَا أَهْلَ الْجَوْرِ وَالْقَصْفِ، كُنْتُمْ تُسَمَّوْنَ الْغَدْرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَيْسَانَ! يَا أَصْحَابَ سِجَاحَ! يَا مَعْشَرَ عَبْدِ الْقَيْسِ الْقُسَاةِ، تَبَدَّلْتُمْ بِتَأْبِيرِ النَّخْلِ أَعِنَّةَ الْخَيْلِ! يَا مَعْشَرَ الْأَزْدِ تَبَدَّلْتُمْ بِقُلُوسِ السُّفُنِ أَعِنَّةَ الْخَيْلِ! إِنَّ هَذَا بِدْعَةٌ فِي الْإِسْلَامِ، الْأَعْرَابُ وَمَا الْأَعْرَابُ! لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ! يَا كُنَاسَةَ الْمِصْرَيْنِ، جَمَعْتُكُمْ مِنْ مَنَابِتِ الشِّيحِ وَالْقَيْصُومِ، تَرْكَبُونَ الْبَقَرَ وَالْحُمُرَ، فَلَمَّا جَمَعْتُكُمْ قُلْتُمْ كَيْتَ وَكَيْتَ! أَمَّا وَاللَّهِ إِنِّي لَابْنُ أَبِيهِ وَأَخُو
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute