أَخِيهِ! وَاللَّهِ لَأَعْصِبَنَّكُمْ عَصْبَ السَّلِمَةِ! إِنَّ حَوْلَ الصِّلِّيَانِ لَزَمْزَمَةٌ! يَا أَهْلَ خُرَاسَانَ أَتُدْرُونَ مَنْ وَلِيُّكُمْ؟ [وَلِيُّكُمْ] يَزِيدُ بْنُ ثَرْوَانَ. كَأَنِّي بِأَمِيرٍ جَاءَكُمْ فَغَلَبَكُمْ عَلَى فَيْئِكُمْ وَظِلَالِكُمْ! ارْمُوا غَرَضَكُمُ الْقَصِيَّ! حَتَّى مَتَى يَتَبَطَّحُ أَهْلُ الشَّامِ بِأَفْنِيَتِكُمْ! يَا أَهْلَ خُرَاسَانَ انْسُبُونِي تَجِدُونِي عِرَاقِيَّ الْأُمِّ وَالْمَوْلِدِ وَالرَّأْيِ وَالْهَوَى وَالدِّينِ، وَقَدْ أَصْبَحْتُمْ فِيمَا تَرَوْنَ مِنَ الْأَمْنِ وَالْعَافِيَةِ! قَدْ فَتَحَ اللَّهُ لَكُمُ الْبِلَادَ وَآمَنَ سُبُلَكُمْ، فَالظَّعِينَةُ تَخْرُجُ مِنْ مَرْوَ إِلَى بَلْخٍ بِغَيْرِ جَوَازٍ، فَاحْمَدُوا اللَّهَ عَلَى الْعَافِيَةِ وَاسْأَلُوهُ الشُّكْرَ وَالْمَزِيدَ.
ثُمَّ نَزَلَ فَدَخَلَ بَيْتَهُ، فَأَتَاهُ أَهْلُهُ وَقَالُوا: مَا رَأَيْنَاكَ كَالْيَوْمِ قَطُّ، وَلَامُوهُ. فَقَالَ: لَمَّا تَكَلَّمْتُ فَلَمْ يُجِبْنِي أَحَدٌ غَضِبْتُ فَلَمْ أَدْرِ مَا قُلْتُ. وَغَضِبَ النَّاسُ، وَكَرِهُوا خَلْعَ سُلَيْمَانَ، فَأَجْمَعُوا عَلَى خَلْعِ قُتَيْبَةَ وَخِلَافِهِ، وَكَانَ أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ الْأَزْدَ، فَأَتَوْا حُضَيْنَ بْنَ الْمُنْذِرِ (بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ) ، فَقَالُوا: إِنَّ هَذَا قَدْ دَعَا إِلَى خَلْعِ الْخَلِيفَةِ، وَفِيهِ فَسَادُ الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَقَدْ شَتَمَنَا، فَمَا تَرَى؟ فَقَالَ: إِنَّ مُضَرَ بِخُرَاسَانَ كَثِيرَةٌ، وَتَمِيمٌ أَكْثَرُهَا، وَهُمْ فُرْسَانُ خُرَاسَانَ، وَلَا يَرْضَوْنَ أَنْ يَصِيرَ الْأَمْرُ فِي غَيْرِ مُضَرَ، فَإِنْ أَخْرَجْتُمُوهُمْ مِنْهُ أَعَانُوا قُتَيْبَةَ. فَأَجَابُوهُ إِلَى ذَلِكَ وَقَالُوا: مَنْ تَرَى مِنْ تَمِيمٍ؟ قَالَ: لَا أَرَى غَيْرَ وَكِيعٍ. فَقَالَ حَيَّانُ النَّبَطِيُّ مَوْلَى بَنِي شَيْبَانَ: إِنَّ أَحَدًا لَا يَتَوَلَّى هَذَا غَيْرُ وَكِيعٍ، فَيَصْلَى بِحَرِّهِ، وَيَبْذُلُ دَمَهُ، وَيَتَعَرَّضُ لِلْقَتْلِ، فَإِنْ قَدِمَ أَمِيرٌ أَخَذَهُ بِمَا جَنَى، فَإِنَّهُ لَا يَنْظُرُ فِي عَاقِبَةٍ، وَلَهُ عَشِيرَةٌ تُطِيعُهُ، وَهُوَ مَوْتُورٌ يَطْلُبُ قُتَيْبَةَ بِرِيَاسَتِهِ الَّتِي صَرَفَهَا عَنْهُ، وَصَيَّرَهَا لِضِرَارِ بْنِ حُصَيْنٍ الضَّبِّيِّ، فَمَشَى النَّاسُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ سِرًّا.
وَقِيلَ لِقُتَيْبَةَ: لَيْسَ يُفْسِدُ أَمْرَ النَّاسِ إِلَّا حَيَّانَ، فَأَرَادَ أَنْ يَغْتَالَهُ، وَكَانَ حَيَّانُ يُلَاطِفُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute