عَزَّ وَجَلَّ، أَكْرَمَ بِالْإِسْلَامِ أَهْلَهُ، وَشَرَّفَهُمْ وَأَعَزَّهُمْ، وَضَرَبَ الذِّلَّةَ وَالصِّغَارَ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ، وَجَعَلَهُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ، فَلَا تُوَلِّيَنَّ أُمُورَ الْمُسْلِمِينَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ ذِمَّتِهِمْ وَخَرَاجِهِمْ، فَتَتَبَسَّطَ عَلَيْهِ أَيْدِيهِمْ وَأَلْسِنَتُهُمْ، فَتُذِلَّهُمْ بَعْدَ أَنْ أَعَزَّهُمُ اللَّهُ، وَتُهِينَهُمْ بَعْدَ أَنْ أَكْرَمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى، وَتُعَرِّضَهُمْ لِكَيْدِهِمْ وَالِاسْتِطَالَةِ عَلَيْهِمْ، وَمَعَ هَذَا فَلَا يُؤْمَنُ غِشُّهُمْ إِيَّاهُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ، عَزَّ وَجَلَّ، يَقُولُ: {لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ} [آل عمران: ١١٨] ، وَ {لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [المائدة: ٥١] ، وَالسَّلَامُ.
فَهَذَا الْقَدْرُ كَافٍ فِي التَّنْبِيهِ عَلَى فَضْلِهِ وَعَدْلِهِ.
(وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ مَاتَ: مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ فِي قَوْلٍ، وَأَبُو صَالِحٍ ذَكْوَانُ) .
ذِكْرُ خِلَافَةِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ
وَفِيهَا تَوَلَّى يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ الْخِلَافَةَ، وَكُنْيَتُهُ أَبُو خَالِدٍ، بِعَهْدٍ مِنْ أَخِيهِ سُلَيْمَانَ بَعْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَلَمَّا احْتُضِرَ عُمَرُ، قِيلَ لَهُ: اكْتُبْ إِلَى يَزِيدَ فَأَوْصِهِ بِالْأُمَّةِ، قَالَ: بِمَاذَا أُوصِيهِ؟ إِنَّهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمَلِكِ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَيْهِ: أَمَّا بَعْدُ فَاتَّقِ يَا يَزِيدُ الصَّرْعَةَ بَعْدَ الْغَفْلَةِ، حِينَ لَا تُقَالُ الْعَثْرَةُ، وَلَا تَقْدِرُ عَلَى الرَّجْعَةِ، إِنَّكَ تَتْرُكُ مَا تَتْرُكُ لِمَنْ لَا يَحْمَدُكَ، وَتَصِيرُ إِلَى مَنْ لَا يَعْذُرُكَ، وَالسَّلَامُ.
فَلَمَّا وَلِيَ يَزِيدُ نَزَعَ أَبَا بَكْرِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنِ الْمَدِينَةِ، وَاسْتَعْمَلَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ الْفِهْرِيَّ عَلَيْهَا، وَاسْتَقْضَى عَبْدَ الرَّحْمَنِ سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَسَدِ الْمَخْزُومِيَّ، وَأَرَادَ مُعَارَضَةَ ابْنِ حَزْمٍ فَلَمْ يَجِدْ عَلَيْهِ سَبِيلًا، حَتَّى شَكَا عُثْمَانُ بْنُ حَيَّانَ إِلَى يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ مِنِ ابْنِ حَزْمٍ، وَأَنَّهُ ضَرَبَهُ حَدَّيْنِ، وَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute