بَعْضُهُمْ إِلَى الْكُوفَةِ، وَبَعْضُهُمْ إِلَى يَزِيدَ. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ يَزِيدُ نَجْدَةَ بْنَ الْحَكَمِ الْأَزْدِيَّ فِي جَمْعٍ، فَقَتَلُوهُ وَهَزَمُوا أَصْحَابَهُ، فَوَجَّهَ إِلَيْهِمْ يَزِيدُ الشَّحَّاجُ بْنُ وَدَاعٍ فِي أَلْفَيْنِ، فَقَتَلُوهُ وَهَزَمُوا أَصْحَابَهُ، وَقُتِلَ مِنْهُمْ نَفَرٌ، مِنْهُمْ هُدْبَةُ ابْنُ عَمِّ شَوْذَبٍ. فَقَالَ أَيُّوبُ بْنُ خَوْلِيٍّ يَرْثِيهِمْ:
تَرَكْنَا تَمِيمًا فِي الْغُبَارِ مُلَحَّبًا ... تُبَكِّي عَلَيْهِ عِرْسُهُ وَقَرَائِبُهْ
وَقَدْ أَسْلَمَتْ قَيْسٌ تَمِيمًا وَمَالِكًا ... كَمَا أَسْلَمَ الشَّحَّاجَ أَمْسِ أَقَارِبُهْ
وَأَقْبَلَ مِنْ حَرَّانَ يَحْمِلُ رَايَةً ... يُغَالِبُ أَمْرَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَالِبُهْ
فَيَا هُدْبُ لِلْهَيْجَا، وَيَا هُدْبُ لِلنَّدَى ... وَيَا هُدْبُ لِلْخَصْمِ الْأَلَدِّ يُحَارِبُهْ
وَيَا هُدْبُ كَمْ مِنْ مُلْجِمٍ قَدْ أَجَبْتَهُ ... وَقَدْ أَسْلَمَتْهُ لِلرِّيَاحِ جُوَالِبُهْ
وَكَانَ أَبُو شَيْبَانَ خَيْرَ مُقَاتِلٍ ... يُرَجَّى وَيَخْشَى حَرْبَهُ مَنْ يُحَارِبُهْ
فَفَازَ وَلَاقَى اللَّهَ فِي الْخَيْرِ كُلِّهِ ... وَخَذَّمَهُ بِالسَّيْفِ فِي اللَّهِ ضَارِبُهْ
تَزَوَّدَ مِنْ دُنْيَاهُ دِرْعًا وَمِغْفَرًا ... وَعَضْبًا حُسَامًا لَمْ تَخُنْهُ مَضَارِبُهْ
وَأَجْرَدَ مَحْبُوكَ السَّرَاةِ كَأَنَّهُ ... إِذَا انْقَضَّ وَافِي الرِّيشِ حُجْنٌ مَخَالِبُهْ
وَأَقَامَ الْخَوَارِجُ بِمَكَانِهِمْ حَتَّى دَخَلَ مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْكُوفَةَ، فَشَكَا إِلَيْهِ أَهْلُ الْكُوفَةِ، مَكَانَ شَوْذَبٍ وَخَوَّفُوهُ مِنْهُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مَسْلَمَةُ سَعِيدَ بْنَ عَمْرٍو الْحَرَشِيَّ، وَكَانَ فَارِسًا، فِي عَشَرَةِ آلَافٍ، فَأَتَاهُ وَهُوَ بِمَكَانِهِ، فَرَأَى شَوْذَبٌ وَأَصْحَابُهُ مَا لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهِ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الشَّهَادَةَ فَقَدْ جَاءَتْهُ، وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ الدُّنْيَا فَقَدْ ذَهَبَتْ. فَكَسَرُوا أَغْمَادَ السُّيُوفِ وَحَمَلُوا فَكَشَفُوا سَعِيدًا وَأَصْحَابَهُ مِرَارًا، حَتَّى خَافَ سَعِيدٌ الْفَضِيحَةَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute