وَخَرَجَ يَزِيدُ حِينَ اجْتَمَعَ النَّاسُ لَهُ حَتَّى نَزَلَ جَبَّانَةَ بَنِي يَشْكُرَ، وَهِيَ النِّصْفُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَصْرِ، فَلَقِيَهُ قَيْسٌ وَتَمِيمٌ وَأَهْلُ الشَّامِ وَاقْتَتَلُوا هُنَيْهَةَ، وَحَمَلَ عَلَيْهِمْ أَصْحَابُ يَزِيدَ فَانْهَزَمُوا، وَتَبِعَهُمُ ابْنُ الْمُهَلَّبِ حَتَّى دَنَا مِنَ الْقَصْرِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ عَدِيٌّ بِنَفْسِهِ، فَقُتِلَ مِنْ أَصْحَابِهِ مُوسَى بْنُ الْوَجِيهِ الْحِمْيَرِيُّ، وَالْحَارِثُ بْنُ الْمُصَرِّفِ الْأَوْدِيُّ، وَكَانَ مِنْ فُرْسَانِ الْحَجَّاجِ وَأَشْرَافِ أَهْلِ الشَّامِ، وَانْهَزَمَ أَصْحَابُ عَدِيٍّ، وَسَمِعَ إِخْوَةُ يَزِيدَ، وَهُمْ فِي مَحْبِسِ عَدِيٍّ، الْأَصْوَاتَ تَدْنُو وَالنُّشَّابَ تَقَعُ فِي الْقَصْرِ، وَقَالَ لَهُمْ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِنِّي أَرَى أَنَّ يَزِيدَ قَدْ ظَهَرَ، وَلَا آمَنُ مَنْ مَعَ عَدِيٍّ مِنْ مُضَرَ وَ [أَهْلِ] الشَّامِ أَنْ يَأْتُونَا فَيَقْتُلُونَا قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْنَا يَزِيدُ، فَأَغْلِقُوا الْبَابَ وَأَلْقُوا عَلَيْهِ الرَّحْلَ. فَفَعَلُوا، فَلَمْ يَلْبَثُوا أَنْ جَاءَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ مَوْلَى بَنِي عَامِرٍ، وَكَانَ عَلَى حَرَسِ عَدِيٍّ، فَجَاءَ يَشْتَدُّ إِلَى الْبَابِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، وَأَخَذُوا يُعَالِجُونَ الْبَابَ، فَلَمْ يُطِيقُوا قَلْعَهُ، وَأَعْجَلَهُمُ النَّاسُ فَخَلَّوْا عَنْهُمْ.
وَجَاءَ يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ حَتَّى نَزَلَ دَارًا لِسُلَيْمَانَ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَبِيهِ، إِلَى جَنْبِ الْقَصْرِ، وَأَتَى بِالسَّلَالِيمِ وَفَتَحَ الْقَصْرَ، وَأُتِيَ بِعَدِيِّ بْنِ أَرْطَاةَ، فَحَبَسَهُ، وَقَالَ لَهُ: لَوْلَا حَبْسُكَ إِخْوَتِي لَمَا حَبَسْتُكَ.
فَلَمَّا ظَهَرَ يَزِيدُ هَرَبَ رُءُوسُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ مِنْ تَمِيمٍ، وَقَيْسٍ، وَمَالِكِ بْنِ الْمُنْذِرِ، فَلَحِقُوا بِالْكُوفَةِ، وَلَحِقَ بَعْضُهُمْ بِالشَّامِ، وَخَرَجَ الْمُغِيرَةُ بْنُ زِيَادِ (بْنِ عَمْرٍو الْعَتَكِيُّ نَحْوَ الشَّامِ، فَلَقِيَ خَالِدًا الْقَسْرِيَّ، وَعَمْرَو بْنَ يَزِيدَ الْحَكَمِيَّ، وَمَعَهُمَا حُمَيْدَ بْنَ) عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمُهَلَّبِ قَدْ أَقْبَلُوا بِأَمَانِ يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ، وَكُلِّ شَيْءٍ أَرَادَهُ، فَسَأَلَاهُ عَنِ الْخَبَرِ، فَخَلَا بِهِمَا سِرًّا مِنْ حُمَيْدٍ، وَأَخْبَرَهُمَا وَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدَانِ؟ فَأَخْبَرَاهُ بِأَمَانِ يَزِيدَ. فَقَالَ: إِنْ يَزِيدَ قَدْ ظَهَرَ عَلَى الْبَصْرَةِ، وَقَتَلَ الْقَتْلَى وَحَبَسَ عَدِيًّا، فَارْجِعَا. فَرَجِعَا، وَأَخَذَا حُمَيْدًا مَعَهُمَا، فَقَالَ لَهُمَا حُمَيْدُ: أَنْشُدُكُمَا اللَّهُ أَنَّ تُخَالِفَا مَا بُعِثْتُمَا بِهِ، فَإِنَّ ابْنَ الْمُهَلَّبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute