رِقَابِ الْأَسْرَى، فَأَمَرَ الْعُرْيَانَ بْنَ الْهَيْثَمِ، وَكَانَ عَلَى شُرْطَتِهِ، أَنْ يُخْرِجَهُمْ عِشْرِينَ عِشْرِينَ وَثَلَاثِينَ ثَلَاثِينَ، فَقَامَ نَحْوُ ثَلَاثِينَ رَجُلًا مِنْ تَمِيمٍ فَقَالُوا: نَحْنُ انْهَزَمْنَا بِالنَّاسِ، فَابْدَءُوا بِنَا قَبْلَ النَّاسِ. فَأَخْرَجَهُمُ الْعُرْيَانُ، فَضَرَبَ رِقَابَهُمْ، وَهُمْ يَقُولُونَ: انْهَزَمْنَا بِالنَّاسِ، فَكَانَ هَذَا جَزَاءُنَا. فَلَمَّا فَرَغُوا مِنْهُمْ، جَاءَ رَسُولٌ بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ مَسْلَمَةَ يَأْمُرُهُ بِتَرْكِ قَتْلِ الْأَسْرَى. وَأَقْبَلَ مَسْلَمَةُ حَتَّى نَزَلَ الْحِيرَةَ.
وَلَمَّا أَتَتْ هَزِيمَةُ يَزِيدَ إِلَى وَاسِطَ أَخْرَجَ ابْنُهُ مُعَاوِيَةُ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ أَسِيرًا كَانُوا عِنْدَهُ، فَضَرَبَ أَعْنَاقَهُمْ، مِنْهُمْ: عَدِيُّ بْنُ أَرْطَاةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ أَرْطَاةَ، وَمَالِكٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ ابْنَا مِسْمَعٍ، وَغَيْرُهُمَا، ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّى أَتَى الْبَصْرَةَ وَمَعَهُ الْمَالُ وَالْخَزَائِنُ، وَجَاءَ الْمُفَضَّلُ بْنُ الْمُهَلَّبِ، وَاجْتَمَعَ أَهْلُ الْمُهَلَّبِ بِالْبَصْرَةِ فَأَعَدُّوا السُّفُنَ وَتَجَهَّزُوا لِلرُّكُوبِ فِي الْبَحْرِ. وَكَانَ يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ بَعَثَ وَدَّاعَ بْنَ حُمَيْدٍ الْأَزْدِيَّ عَلَى قَنْدَابِيلَ أَمِيرًا، وَقَالَ لَهُ: إِنِّي سَائِرٌ إِلَى هَذَا الْعَدُوِّ وَلَوْ قَدْ لَقِيتُهُمْ لَمْ أَبْرَحِ الْعَرْصَةَ حَتَّى يَكُونَ لِي أَوْ لَهُمْ، فَإِنْ ظَفِرْتُ أَكْرَمْتُكَ، وَإِنْ كَانَتِ الْأُخْرَى كُنْتَ بِقَنْدَابِيلَ حَتَّى يَقْدَمَ عَلَيْكَ أَهْلُ بَيْتِي فَيَتَحَصَّنُوا بِهَا حَتَّى يَأْخُذُوا [لِأَنْفُسِهِمْ] أَمَانًا، وَقَدِ اخْتَرْتُكَ لَهُمْ مِنْ بَيْنِ قَوْمِي، فَكُنْ عِنْدَ أَحْسَنِ ظَنِّي. وَأَخَذَ عَلَيْهِ الْعُهُودَ لَيُنَاصِحَنَّ أَهْلَ بَيْتِهِ إِنْ هُمْ لَجَأُوا إِلَيْهِ.
فَلَمَّا اجْتَمَعَ آلُ الْمُهَلَّبِ بِالْبَصْرَةِ حَمَلُوا عِيَالَاتِهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ فِي السُّفُنِ الْبَحْرِيَّةِ، ثُمَّ لَجَّجُوا فِي الْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِحِيَالِ كَرْمَانَ خَرَجُوا مِنْ سُفُنِهِمْ، وَحَمَلُوا عِيَالَاتِهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ عَلَى الدَّوَابِّ، وَكَانَ الْمُقَدَّمُ عَلَيْهِمُ الْمُفَضَّلَ بْنَ الْمُهَلَّبِ، وَكَانَ بِكَرْمَانَ فُلُولٌ كَثِيرَةٌ، فَاجْتَمَعُوا إِلَى الْمُفَضَّلِ، وَبَعَثَ مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ مُدْرِكَ بْنَ ضَبٍّ الْكَلْبِيَّ فِي طَلَبِهِمْ وَفِي أَثَرِ الْفَلِّ، فَأَدْرَكَ مُدْرِكٌ الْمُفَضَّلَ، وَمَعَهُ الْفُلُولُ فِي عَقَبَةٍ، فَعَطَفُوا عَلَيْهِ فَقَاتَلُوهُ، وَاشْتَدَّ قِتَالُهُمْ [إِيَّاهُ] ، فَقُتِلَ مِنْ أَصْحَابِ الْمُفَضَّلِ النُّعْمَانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْأَشْتَرِ النَّخَعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ، وَأُخِذَ ابْنُ صُولٍ مَلِكُ قُهِسْتَانَ أَسِيرًا، وَجُرِحَ عُثْمَانُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ، وَهَرَبَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى حُلْوَانَ، فَدُلَّ عَلَيْهِ، فَقُتِلَ، وَحُمِلَ رَأْسُهُ إِلَى مَسْلَمَةَ بِالْحِيرَةِ. وَرَجَعَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ الْمُهَلَّبِ، فَطَلَبُوا الْأَمَانَ، فَأُومِنُوا، مِنْهُمْ: مَالِكُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْأَشْتَرِ، وَالْوَرْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبٍ السَّعْدِيُّ التَّمِيمِيُّ.
وَمَضَى آلُ الْمُهَلَّبِ وَمَنْ مَعَهُمْ إِلَى قَنْدَابِيلَ، وَبَعَثَ مَسْلَمَةُ إِلَى مُدْرِكِ بْنِ ضَبٍّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute